[ ص: 218 ] ولتصنع على عيني إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن   . 
جملة ( 
ولتصنع على عيني   ) عطف على جملة ( 
إذ أوحينا إلى أمك   ) إلخ . 
جعل الأمران إتماما لمنة واحدة لأن إنجاءه من القتل لا يظهر أثره إلا إذا أنجاه من الموت بالذبول لترك الرضاعة ، ومن الإهمال المفضي إلى الهلاك أو الوهن إذا ولي تربيته من لا يشفق عليه الشفقة الجبلية . والتقدير : وإذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله لأجل أن تصنع على عيني . 
والصنع : مستعار للتربية والتنمية ، تشبيها لذلك بصنع شيء مصنوع ، ومنه يقال لمن أنعم عليه أحد نعمة عظيمة : هو صنيعة فلان . 
وأخت 
موسى    : 
مريم ابنة عمران    . وفي التوراة : أنها كانت نبيئة كما في الإصحاح الخامس عشر من سفر الخروج . وتوفيت 
مريم  سنة ثلاث من خروج 
بني إسرائيل  من 
مصر  في برية صين كما في الإصحاح التاسع عشر من سفر العدد . وذلك سنة 1417 قبل 
المسيح    . 
وقرأه الجمهور بكسر اللام على أنها لام كي ، وبنصب فعل ( تصنع ) ، وقرأه 
أبو جعفر  بسكون اللام على أنها لام الأمر وبجزم الفعل على أنه أمر تكويني ، أي وقلنا : لتصنع . 
وقوله ( 
على عيني   ) ( على ) منه للاستلاء المجازي ، أي المصاحبة المتمكنة ، ف ( على ) هنا بمعنى باء المصاحبة قال تعالى ( 
فإنك بأعيننا   ) .  
[ ص: 219 ] والعين   : مجاز في المراعاة والمراقبة كقوله تعالى ( 
واصنع الفلك بأعيننا   ) ، وقول 
النابغة    : 
عهدتك ترعاني بعين بصيرة وتبعث حراسا علي وناظرا 
ووقع اختصار في حكاية قصة مشي أخته ، وفصلت في سورة القصص . 
والاستفهام في ( 
هل أدلكم   ) للعرض . وأرادت ب ( 
من يكفله   ) أمه . فلذلك قال ( 
فرجعناك إلى أمك   ) . 
وهذه منة عليه لإكمال نمائه ، وعلى أمه بنجاته فلم تفارق ابنها إلا ساعات قلائل ، أكرمها الله بسبب ابنها . 
وعطف نفي الحزن على قرة العين لتوزيع المنة ، لأن قرة عينها برجوعه إليها ، وانتفاء حزنها بتحقيق سلامته من الهلاك ومن الغرق وبوصوله إلى أحسن مأوى . وتقديم قرة العين على انتفاء الحزن مع أنها أخص فيغني ذكرها عن ذكر انتفاء الحزن ؛ روعي فيه مناسبة تعقيب ( 
فرجعناك إلى أمك   ) بما فيه من الحكمة ، ثم أكمل بذكر الحكمة في مشي أخته فتقول ( 
هل أدلكم على من يكفله   ) في بيتها ، وكذلك كان شأن المراضع ذوات الأزواج كما جاء في حديث حليمة ، وكذلك ثبت في التوراة في سفر الخروج .