وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون   . 
هذا العطف مثل عطف جملة 
وأنزلنا من السماء ففيه كذلك استدلال ومنة . 
والعبرة : الدليل لأنه يعبر من معرفته إلى معرفة أخرى . والمعنى : إن في الأنعام دليلا على انفراد الله تعالى بالخلق وتمام القدرة وسعة العلم . 
والأنعام تقدم أنها الإبل في غالب عرف العرب . 
وجملة 
نسقيكم مما في بطونها بيان لجملة 
وإن لكم في الأنعام لعبرة فلذلك لم تعطف لأنها في موقع المعطوف عطف البيان . 
والعبرة حاصلة من تكوين ما في بطونها من الألبان الدال عليه " نسقيكم " . وأما ( نسقيكم ) بمجرده فهو منة . وقد تقدم نظير هذه الآية مفصلا في سورة النحل . 
وجملة 
ولكم فيها منافع كثيرة وما بعدها معطوفة على جملة 
نسقيكم مما في بطونها فإن فيه بقية بيان العبرة وكذلك الجمل بعده . وهذه المنافع هي الأصواف والأوبار والأشعار والنتاج . 
وأما الأكل منها فهو عبرة أيضا إذ أعدها الله صالحة لتغذية البشر بلحومها لذيذة الطعم ، وألهم إلى طريقة شيها وصلقها وطبخها ، وفي ذلك منة عظيمة ظاهرة . 
وكذلك القول في معنى " وعليها تحملون " فإن في ذلك عبرة بإعداد الله تعالى إياها لذلك وفي ذلك منة ظاهرة . والحمل صادق بالركوب وبحمل الأثقال .  
[ ص: 40 ] وقرأ 
نافع  وابن عامر  وأبو بكر  عن 
عاصم  بفتح النون ، وقرأه الباقون عدا 
أبا جعفر  بضم النون يقال : سقاه وأسقاه بمعنى ، وقرأه 
أبو جعفر  بتاء التأنيث مفتوحة على أن الضمير للأنعام . 
وعطف 
وعلى الفلك إدماج وتهيئة للتخلص إلى قصة 
نوح    .