1. الرئيسية
  2. التحرير والتنوير
  3. سورة المؤمنين
  4. قوله تعالى ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون
صفحة جزء
ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون

لما كان أعظم ما دعا الله إليه توحيده ، وكان أصل ضلالة المشركين إشراكهم أعقب وصف الله بالعلو العظيم والقدرة الواسعة ببيان أن الحساب الواقع بعد البعث ينال الذين دعوا مع الله آلهة دعوى لا عذر لهم فيها ; لأنها عرية عن البرهان أي الدليل ، لأنهم لم يثبتوا لله الملك الكامل إذ أشركوا معه آلهة ، ولم يثبتوا ما يقتضي له عظيم التصرف إذ أشركوا معه تصرف آلهة . فقوله : لا برهان له به حال من ومن يدع مع الله إلها آخر ، وهي حال لازمة ; لأن دعوى الإله مع الله لا تكون إلا عرية عن البرهان . ونظير هذا الحال قوله تعالى : ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله .

والقصر في قوله : فإنما حسابه عند ربه قصر حقيقي . وفيه إثبات الحساب وأنه لله وحده في تخطئتهم وتهديدهم .

ويجوز أن يكون القصر إضافيا تطمينا للنبيء صلى الله عليه وسلم بأن الله لا يؤاخذه باستمرارهم على الكفر كقوله : إن عليك إلا البلاغ وقوله : لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين وهذا أسعد بقوله : وقل رب اغفر وارحم .

ويدل على ذلك تذييله بجملة إنه لا يفلح الكافرون . وفيه ضرب من رد العجز على الصدر إذ افتتحت السورة بـ قد أفلح المؤمنون وختمت بـ ( إنه لا يفلح الكافرون ) وهو نفي الفلاح عن الكافرين ضد المؤمنين .

التالي السابق


الخدمات العلمية