صفحة جزء
[ ص: 177 ] قالوا إنما أنت من المسحرين ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين .

أجابوا موعظته بالبهتان فزعموه فقد رشده وتغير حاله ، واختلقوا أن ذلك من أثر سحر شديد . فالمسحر : اسم مفعول سحره إذا سحره سحرا متمكنا منه ، و ( من المسحرين ) أبلغ في الاتصاف بالتسحير من أن يقال : إنما أنت مسحر كما تقدم في قوله : لتكونن من المرجومين .

ولما تضمن قولهم : ( إنما أنت من المسحرين ) تكذيبهم إياه أيدوا تكذيبه بأنه بشر مثلهم . وذلك في زعمهم ينافي أن يكون رسولا من الله ; لأن الرسول في زعمهم لا يكون إلا مخلوقا خارقا للعادة كأن يكون ملكا أو جنيا . فجملة ( ما أنت إلا بشر مثلنا ) في حكم التأكيد بجملة ( إنما أنت من المسحرين ) باعتبار مضمون الجملتين .

وفرعوا على تكذيبه المطالبة بأن يأتي بآية على صدقه ، أي : أن يأتي بخارق عادة يدل على أن الله صدقه في دعوى الرسالة عنه . وفرضوا صدقه بحرف ( إن ) الشرطية الغالب استعمالها في الشك .

ومعنى ( من الصادقين ) من الفئة المعروفين بالصدق يعنون بذلك الرسل الصادقين لدلالته على تمكن الصدق منه ، كما تقدم في قوله : ( من المرجومين ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية