صفحة جزء
ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما متعلق بقوله وحملها الإنسان لأن المنافقين والمشركين والمؤمنين من أصناف الإنسان . وهذه اللام للتعليل المجازي المسماة لام العاقبة . وقد تقدم القول فيها غير مرة إحداها قوله تعالى إنما نملي لهم ليزدادوا إثما في آل عمران .

والشاهد الشائع فيها هو قوله تعالى فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا وعادة النحاة وعلماء البيان يقولون : إنها في معنى فاء التفريع : وإذ قد كان هذا عاقبة لحمل الإنسان الأمانة وكان فيما تعلق به لام التعليل إجمال تعين أن هذا يفيد بيانا لما أجمل في قوله إنه كان ظلوما جهولا كما قدمناه آنفا ، أي فكان الإنسان فريقين : فريقا ظالما جاهلا ، وفريقا راشدا عالما .

والمعنى : فعذب الله المنافقين والمشركين على عدم الوفاء بالأمانة التي تحملوها في أصل الفطرة وبحسب الشريعة ، وتاب على المؤمنين فغفر من ذنوبهم لأنهم وفوا بالأمانة التي تحملوها . وهذا مثل قوله فيما مر ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم أي كما تاب على المؤمنين بأن يندموا على ما فرط من نفاقهم فيخلصوا الإيمان فيتوب الله عليهم وقد تحقق ذلك في كثير منهم .

وإظهار اسم الجلالة في قوله ( ويتوب الله ) وكان الظاهر إضماره لزيادة العناية [ ص: 132 ] بتلك التوبة لما في الإظهار في مقام الإضمار من العناية .

وذكر المنافقات والمشركات والمؤمنات مع المنافقين والمشركين والمؤمنين في حين الاستغناء عن ذلك بصيغة الجمع التي شاع في كلام العرب شموله للنساء نحو قولهم : حل ببني فلان مرض يريدون وبنسائهم .

فذكر النساء في الآية إشارة إلى أن لهن شأنا كان في حوادث غزوة الخندق من إعانة لرجالهن على كيد المسلمين وبعكس ذلك حال نساء المسلمين .

وجملة وكان الله غفورا رحيما بشارة للمؤمنين والمؤمنات بأن الله عاملهم بالغفران وما تقتضيه صفة الرحمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية