صفحة جزء
أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون ( أم ) منقطعة للإضراب الانتقالي من حديث إلى حديث مع اتحاد الغرض ، انتقل من حديث ما أعد لهم من العذاب يوم القيامة إلى ما أعد لهم من الخزي في الدنيا .

فالجملة عطف على جملة هل ينظرون إلا الساعة إلخ .

والكلام بعد ( أم ) استفهام حذفت منه أداة استفهام وهو استفهام تقريري وتهديد ، أي أأبرموا أمرا .

وضمير أبرموا مراد به المشركون الذين ناووا النبيء - صلى الله عليه وسلم - . وضمير ( إنا ) ضمير الجلالة .

[ ص: 262 ] والفاء في قوله فإنا مبرمون للتفريع على ما اقتضاه الاستفهام من تقدير حصول المستفهم عنه فيؤول الكلام إلى معنى الشرط ، أي إن أبرموا أمرا من الكيد فإن الله مبرم لهم أمرا من نقض الكيد وإلحاق الأذى بهم ، ونظيره وفي معناه قوله أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون .

وعن مقاتل نزلت هذه الآية في تدبير قريش بالمكر بالنبيء - صلى الله عليه وسلم - في دار الندوة حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل عليهم أن يبرز من كل قبيلة رجل ليشتركوا في قتل النبيء - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يستطيع بنو هاشم المطالبة بدمه ، وقتل الله جميعهم في بدر .

والإبرام حقيقته : القتل المحكم ، وهو هنا مستعار لإحكام التدبير والعزم على ما دبروه .

والمخالفة بين أبرموا و " مبرمون " لأن إبرامهم واقع ، وأما إبرام الله جزاء لهم فهو توعد بأن الله قدر نقض ما أبرموه فإن اسم الفاعل حقيقة في زمن الحال ، أي نحن نقدر لهم الآن أمرا عظيما ، وذلك إيجاد أسباب وقعة بدر التي استؤصلوا فيها .

والأمر : العمل العظيم الخطير ، وحذف مفعول " مبرمون " لدلالة ما قبله عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية