صفحة جزء
إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام استئناف بياني ممهد إليه بقوله نزل عليك الكتاب بالحق لأن نفس السامع تتطلع إلى معرفة عاقبة الذين أنكروا هذا التنزيل .

وشمل قوله الذين كفروا بآيات الله المشركين واليهود والنصارى في مرتبة واحدة ، لأن جميعهم اشتركوا في الكفر بالقرآن ، وهو المراد بآيات الله هنا ; لأنه الكتاب الوحيد الذي يصح أن يوصف بأنه آية من آيات الله ; لأنه معجزة . وعبر عنهم بالموصول إيجازا ; لأن الصلة تجمعهم ، والإيماء إلى وجه بناء الخبر وهو قوله لهم عذاب شديد .

وعطف قوله والله عزيز ذو انتقام على قوله إن الذين كفروا بآيات الله لأنه من تكملة هذا الاستئناف : لمجيئه مجيء التبيين لشدة عذابهم ; إذ هو عذاب عزيز منتقم كقوله فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر .

[ ص: 151 ] والعزيز تقدم عند قوله تعالى في سورة البقرة فاعلموا أن الله عزيز حكيم .

والانتقام : العقاب على الاعتداء بغضب ، ولذلك قيل للكاره : ناقم . وجيء في هذا الوصف بكلمة ( ذو ) الدالة على الملك للإشارة إلى أنه انتقام عن اختيار لإقامة مصالح العباد وليس هو تعالى مندفعا للانتقام بدافع الطبع أو الحنق .

التالي السابق


الخدمات العلمية