وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون   . 
جملة معترضة والواو اعتراضية ، أي : وإن لهم عذابا في الدنيا قبل عذاب الآخرة ، وهو عذاب الجوع في سني القحط ، وعذاب السيف يوم بدر . 
وفي قوله 
للذين ظلموا إظهار في مقام الإضمار ؛ لأن مقتضى الظاهر أن يقال : وإن له عذابا جريا على أسلوب قوله " فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون " فخولف مقتضى الظاهر لإفادة علة استحقاقهم العذاب في الدنيا بأنها الإشراك بالله . 
وكلمة دون أصلها المكان المنفصل عن شيء انفصالا قريبا ، وكثر إطلاقه على الأقل ، يقال : هو في الشرف دون فلان ، وعلى السابق ؛ لأنه أقرب حلولا من المسبوق ، وعلى معنى غير ، و ( دون ) في هذه الآية صالحة للثلاثة الأخيرة ، إذ المراد عذاب في الدنيا وهو أقل من عذاب الآخرة قال تعالى 
ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر ، وهو مغاير له كما هو بين . 
ولكون هذا العذاب مستبعدا عندهم وهم يرون أنفسهم في نعمة مستمرة كما قال تعالى 
ليقولن هذا لي أكد الخبر بـ " إن " فالتأكيد مراعى فيه شكهم حين يسمعون القرآن ، كما دل عليه تعقيبه بقوله 
ولكن أكثرهم لا يعلمون   . 
والاستدراك الذي أفادته ( لكن ) راجع إلى مفاد التأكيد ، أي : هو واقع لا محالة ولكن أكثرهم لا يعلمون وقوعه ، أي : لا يخطر ببالهم وقوعه ، وذلك من بطرهم وزهوهم ومفعول " لا يعلمون " محذوف اختصارا للعلم به وأسند عدم   
[ ص: 83 ] العلم إلى أكثرهم دون جميعهم ؛ لأن فيهم أهل رأي ونظر يتوقعون حلول الشر إذا كانوا في خير . 
والظلم : الشرك قال تعالى 
إن الشرك لظلم عظيم وهو الغالب في إطلاقه في القرآن .