كل يوم هو في شأن   . 
يجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير النصب في يسأله أو تذييلا لجملة 
يسأله من في السماوات والأرض ، أي كل يوم هو في شأن من الشئون   
[ ص: 255 ] للسائلين وغيرهم فهو تعالى يبرم شئونا مختلفة من أحوال الموجودات دواما ، ويكون ( كل يوم ) ظرفا متعلقا بالاستقرار في قوله 
هو في شأن ، وقدم على ما فيه متعلقه للاهتمام بإفادة تكرر ذلك ودوامه . والمعنى : في شأن من شئون من في السماوات والأرض من استجابة سؤل ، ومن زيادة ، ومن حرمان ، ومن تأخير الاستجابة ، ومن تعويض عن المؤول بثواب ، كما ورد في أحاديث الدعاء أن استجابته تكون مختلفة ، وتقدم عند قوله تعالى 
وقال ربكم ادعوني أستجب لكم   . 
ومعنى ( في ) على هذا التفسير تقوية ثبوت الشئون لله تعالى وهي شئون تصرفه ومظاهر قدرته ، كما قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل النيسابوري    : شئون يبديها لا شئون يبتديها . 
و ( يوم ) مستعمل مجازا في الوقت بعلاقة الإطلاق ، إذ المعنى : كل وقت من الأوقات ولو لحظة ، وليس المراد باليوم الوقت الخاص الذي يمتد من الفجر إلى الغروب . 
وإطلاق اليوم ونحوه على مطلق الزمان كثير في كلام العرب كقولهم : الدهر يومان يوم نعم ويوم بؤس ، وقال 
عمرو بن كلثوم    : 
وإن غدا وإن اليوم رهن وبعد غد لما لا تعلمين 
أراد الزمان المستقبل والحاضر والمستقبل البعيد وإلا فأي فرق بين غد وبعد غد . 
والشأن : الشيء العظيم والحدث المهم من مخلوقات وأعمال من السماوات والأرض ، وفي الحديث 
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002544أنه تعالى كل يوم يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع أقواما ويضع آخرين ، وهو تعالى يأمر وينهى ويحيي ويميت ويعطي ويمنع ونحو ذلك وإذا كان في تصرفه كل شأن فما هو أقل من الشأن أولى بكونه من تصرفه . 
والظرفية المستعملة في حرف في ظرفية مجازية مستعارة لشدة التلبس   
[ ص: 256 ] والتعلق بتصرفات الله تعالى بمنزلة إحاطة الظرف بالمظروف أو بأسئلة المخلوقات الذين في السماء والأرض . 
والمعنى : أنه تعالى كل يوم تتعلق قدرته بأمور يبرزها ويتعلق أمره التكويني بأمور من إيجاد أو إعدام . 
ومن أحاسن الكلم في تفسير هذه الآية قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل  لما سأله 
 nindex.php?page=showalam&ids=16445عبد الله بن طاهر  قائلا : قد أشكل علي قوله هذا : وقد صح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة . فقال : إنها شئون يبديها لا شئون يبتديها وقد أجمل 
 nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل  الجواب بما يقنع أمثال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16445عبد الله بن طاهر ،  وإن كان الإشكال غير وارد إذ ليس في الآية أن الشئون تخالف ما سطره قلم العلم الإلهي ، على أن هذا الجواب لا يجري إلا على أحد الوجوه في تفسير قوله 
كل يوم هو في شأن كما علمت آنفا .