صفحة جزء
[ ص: 231 ] بسم الله الرحمن الرحيم

سورة المنافقون

سميت هذه السورة في كتب السنة وكتب التفسير ( سورة المنافقين ) اعتبارا بذكر أحوالهم وصفاتهم فيها .

ووقع هذا الاسم في حديث زيد بن أرقم عند الترمذي قوله ( فلما أصبحنا قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة المنافقين ) . وسيأتي قريبا ، وروى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة فيحرض بها المؤمنين ، وفي الثانية بسورة المنافقين فيقرع بها المنافقين .

ووقع في صحيح البخاري وبعض كتب التفسير تسميتها ( سورة المنافقون ) على حكاية اللفظ الواقع في أولها وكذلك ثبت في كثير من المصاحف المغربية والمشرقية .

وهي مدنية بالاتفاق .

واتفق العادون على عد آيها إحدى عشرة آية .

وقد عدت الثانية بعد المائة في عداد نزول السور عند جابر بن زيد . نزلت بعد سورة الحج وقبل سورة المجادلة .

والصحيح أنها نزلت في غزوة بني المصطلق ووقع في جامع الترمذي عن محمد بن كعب القرظي أنها نزلت في غزوة تبوك . ووقع فيه أيضا عن سفيان : أن [ ص: 232 ] ذلك في غزوة بني المصطلق وغزوة بني المصطلق سنة خمس ، وغزوة تبوك سنة تسع .

ورجح أهل المغازي وابن العربي في العارضة وابن كثير : أنها نزلت في غزوة بني المصطلق وهو الأظهر . لأن قول عبد الله بن أبي ابن سلول : ( ليخرجن الأعز منها الأذل ) ، يناسب الوقت الذي لم يضعف فيه شأن المنافقين وكان أمرهم كل يوم في ضعف وكانت غزوة تبوك في آخر سني النبوة وقد ضعف أمر المنافقين .

وسبب نزولها ما روي عن زيد بن أرقم أنه قال : كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا جهنيا حليفا للأنصار فقال الجهني : يا للأنصار ، وقال المهاجري : يا للمهاجرين : فسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما بال دعوى الجاهلية ، قالوا : كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال دعوها فإنها منتنة ( أي اتركوا دعوة الجاهلية : يآل كذا ) فسمع هذا الخبر عبد الله بن أبي فقال : أقد فعلوها أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . وقال : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ، قال زيد بن أرقم : فسمعت ذلك فأخبرت به عمي فذكره للنبيء - صلى الله عليه وسلم - فدعاني فحدثته فأرسل رسول الله إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا ، فكذبني رسول الله وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله فقال عمي ما أردت إلا أن كذبك رسول الله ، وفي رواية : إلى أن كذبك ، فلما أصبحنا قرأ رسول الله سورة المنافقين وقال لي : إن الله قد صدقك .

وفي رواية للترمذي في هذا الحديث : أن المهاجري أعرابي وأن الأنصاري من أصحاب عبد الله بن أبي ، وأن المهاجري ضرب الأنصاري على رأسه بخشبة فشجه ، وأن عبد الله بن أبي قال : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله يعني الأعراب ، وذكر أهل السير أن المهاجري من غفار اسمه جهجاه أجير لعمر بن الخطاب . وأن الأنصاري جهني اسمه سنان حليف لابن [ ص: 233 ] أبي ، ثم يحتمل أن تكون الحادثة واحدة . واضطرب الراوي عن زيد بن أرقم في صفتها ; ويجوز أن يكون قد حصل حادثتان في غزاة واحدة .

وذكر الواحدي في أسباب النزول : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى عبد الله بن أبي وقال له : أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني ، فقال عبد الله بن أبي : والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من هذا وإن زيدا لكاذب .

والظاهر أن المقالة الأولى قالها ابن أبي في سورة غضب تهييجا لقومه ثم خشي انكشاف نفاقه فأنكرها .

وأما المقالة الثانية فإنما أدرجها زيد بن أرقم في حديثه وإنما قالها ابن أبي في سورة الناصح كما سيأتي في تفسير حكايتها .

وعلى الأصح فهي قد نزلت قبل سورة الأحزاب ، وعلى القول بأنها نزلت في غزوة تبوك تكون نزلت مع سورة ( براءة ) أو قبلها بقليل وهو بعيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية