صفحة جزء
[ ص: 245 ] ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما .

تذييل لكلتا الجملتين : جملة إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار مع الجملة المتضمنة لاستثناء من يتوب منهم ويؤمن ، وما تضمنته من التنويه بشأن المؤمنين من قوله وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما .

والخطاب يجوز أن يراد به جميع الأمة ، ويجوز أن يوجه إلى المنافقين على طريقة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ارتفاقا بهم .

والاستفهام في قوله ما يفعل الله بعذابكم أريد به الجواب بالنفي فهو إنكاري ، أي لا يفعل بعذابكم شيئا .

ومعنى يفعل يصنع وينتفع ، بدليل تعديته بالباء . والمعنى أن الوعيد الذي توعد به المنافقون إنما هو على الكفر والنفاق ، فإذا تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله غفر لهم العذاب ، فلا يحسبوا أن الله يعذبهم لكراهة في ذاتهم أو تشف منهم ، ولكنه جزاء السوء ، لأن الحكيم يضع الأشياء مواضعها ، فيجازي على الإحسان بالإحسان ، وعلى الإساءة بالإساءة ، فإذا أقلع المسيء عن الإساءة أبطل الله جزاءه بالسوء ، إذ لا ينتفع بعذاب ولا بثواب ، ولكنها المسببات تجري على الأسباب . وإذا كان المؤمنون قد ثبتوا على إيمانهم وشكرهم ، وتجنبوا موالاة المنافقين والكافرين ، فالله لا يعذبهم ، إذ لا موجب لعذابهم .

وجملة وكان الله شاكرا عليما اعتراض في آخر الكلام ، وهو إعلام بأن الله لا يعطل الجزاء الحسن عن الذين يؤمنون به ويشكرون نعمه الجمة ، والإيمان بالله وصفاته أول درجات شكر العبد ربه .

التالي السابق


الخدمات العلمية