ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون   . 
عطف على جملة 
الذين خسروا أنفسهم   . فالمراد بهم المشركون مثل قوله : 
ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه   . وقد تقدم نظيره في سورة البقرة . والمراد بافترائهم عقيدة الشرك في الجاهلية بما فيها من تكاذيب ، وبتكذيبهم الآيات تكذيبهم القرآن بعد البعثة . وقد جعل الآتي بواحدة من هاتين الخصلتين أظلم الناس فكيف بمن جمعوا بينهما ؟ 
وجملة 
إنه لا يفلح الظالمون تذييل ، فلذلك فصلت ، أي إذا تحقق أنهم لا أظلم منهم فهم غير مفلحين ، لأنه لا يفلح الظالمون فكيف بمن بلغ ظلمه النهاية ، فاستغنى بذكر العلة عن ذكر المعلول . 
وموقع ( إن ) في هذا المقام يفيد معنى التعليل للجملة المحذوفة ، كما تقرر في كلام 
عبد القاهر    . وموقع ضمير الشأن معها أفاد الاهتمام بهذا الخبر اهتمام تحقيق لتقع الجملة الواقعة تفسيرا له في نفس السامع موقع الرسوخ . 
والافتراء : الكذب المتعمد . وقوله كذبا مصدر مؤكد له ، وهو أعم من الافتراء . والتأكيد يحصل بالأعم ، كما قدمناه في قوله تعالى : 
ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب في سورة المائدة ، وقد نفى فلاحهم فعم كل فلاح في الدنيا والآخرة ، فإن 
الفلاح المعتد به في نظر الدين في الدنيا هو الإيمان والعمل ، وهو سبب فلاح الآخرة .