1. الرئيسية
  2. التحرير والتنوير
  3. سورة الأعراف
  4. قوله تعالى وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها
صفحة جزء
وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها

عطف على فانتقمنا منهم . والمعنى : فأخذناهم بالعقاب الذي استحقوه وجازينا بني إسرائيل بنعمة عظيمة .

وتقدم آنفا الكلام على معنى أورثنا عند قوله - تعالى - أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها والمراد هنا تمليك بني إسرائيل جميع الأرض المقدسة بعد أهلها من الأمم التي كانت تملكها من الكنعانيين وغيرهم . وقد قيل إن فرعون كان له سلطان على بلاد الشام ، ولا حاجة إلى هذا إذ ليس في الآية تعيين الموروث عنه .

والقوم الذين كانوا يستضعفون هم بنو إسرائيل كما وقع في الآية الأخرى كذلك وأورثناها بني إسرائيل . وعدل عن تعريفهم بطريق الإضافة إلى تعريفهم بطريق الموصولية لنكتتين : أولاهما الإيماء إلى علة الخبر ، أي أن الله ملكهم الأرض وجعلهم أمة حاكمة جزاء لهم على ما صبروا على الاستعباد ، غيرة من الله على عبيده .

الثانية : التعريض ببشارة المؤمنين بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بأنهم ستكون لهم عاقبة السلطان كما كانت لبني إسرائيل ، جزاء على صبرهم على الأذى في الله ، ونذارة المشركين بزوال سلطان دينهم .

ومعنى يستضعفون : يستعبدون ويهانون ، فالسين والتاء للحسبان مثل استنجب ، أو للمبالغة كما في استجاب .

[ ص: 77 ] والمشارق والمغارب جمع باعتبار تعدد الجهات ؛ لأن الجهة أمر نسبي تتعدد بتعدد الأمكنة المفروضة ، والمراد بهما إحاطة الأمكنة .

و ( الأرض ) أرض الشام وهي الأرض المقدسة وهي تبتدئ من السواحل الشرقية الشمالية للبحر الأحمر وتنتهي إلى سواحل بحر الروم وهو البحر المتوسط وإلى حدود العراق وحدود بلاد العرب وحدود بلاد الترك .

و التي باركنا فيها صفة للأرض أو لمشارقها ومغاربها لأن ماصدقيهما متحدان ، أي قدرنا لها البركة . وقد مضى الكلام على البركة عند قوله - تعالى - لفتحنا عليهم بركات في هذه السورة أي أعضناهم عن أرض مصر التي أخرجوا منها أرضا هي خير من أرض مصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية