صفحة جزء
( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) : لما ذكر تعالى من يعيب الرسول في قسم الصدقات بأنه يعطي من يشاء ويحرم من يشاء ، أو يخص أقاربه ، أو يأخذ لنفسه ما بقي ، وكانوا يسألون فوق ما يستحقون ، بين تعالى مصرف الصدقات ، وأنه إنما قسم على ما فرضه الله تعالى . ولفظة ( إنما ) إن كانت وضعت للحصر فالحصر مستفاد من لفظها ، وإن كانت لم توضع للحصر فالحصر مستفاد من الأوصاف ; إذ مناط الحكم بالوصف يقتضي التعليل به ، والتعليل بالشيء يقتضي الاقتصار عليه . والظاهر أن مصرف الصدقات هؤلاء الأصناف . والظاهر أن العطف مشعر بالتغاير ، فتكون الفقراء غير المساكين . والظاهر بقاء هذا الحكم للأصناف الثمانية دائما ; إذ لم يرد نص في نسخ شيء منها . والظاهر أنه يعتبر في كل صنف منها ما دل عليه لفظه إن كان موجودا ، والخلاف في كل شيء من هذه الظواهر . فأما أن مصرف الصدقات هؤلاء الأصناف ، فذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أنه يجوز أن يقتصر على بعض هؤلاء الأصناف ، ويجوز أن يصرف إلى جميعها . فمن الصحابة : عمر ، وعلي ، ومعاذ ، وحذيفة ، وابن عباس ، ومن التابعين النخعي ، وعمر بن [ ص: 58 ] عبد العزيز ، وأبو العالية ، وابن جبير ، قالوا : في أي صنف منها وضعتها أجزأتك . قال ابن جبير : لو نظرت إلى أهل بيت من المسلمين فقراء متعففين فخيرتهم بها كان أحب إلي . قال الزمخشري : وعليه مذهب أبي حنيفة . قال غيره : وأبي يوسف ، ومحمد ، وزفر ، ومالك . وقال جماعة من التابعين : لا يجوز الاقتصار على أحد هذه الأصناف ، منهم : زين العابدين علي بن الحسين ، وعكرمة ، والزهري ، بل يصرف إلى الأصناف الثمانية . وقد كتب الزهري لعمر بن عبد العزيز : يفرقها على الأصناف الثمانية ، وهو مذهب الشافعي ، قال : إلا المؤلفة ، فإنهم انقطعوا . وأما أن الفقراء غير المساكين ، فذهب جماعة من السلف إلى أن الفقير والمسكين سواء ، لا فرق بينهما في المعنى ، وإن افترقا في الاسم ، وهما صنف واحد سمي باسمين ليعطى سهمين نظرا لهم ورحمة . قال في التحرير : وهذا هو أحد قولي الشافعي . وذهب الجمهور إلى أنهما صنفان يجمعهما الإقلال والفاقة ، واختلفوا فيما به الفرق . فقال الأصمعي وغيره ، منهم أحمد بن حنبل ، وأحمد بن عبيد : الفقير أبلغ فاقة . وقال غيره ، منهم أبو حنيفة ، ويونس بن حبيب ، وابن السكيت ، وابن قتيبة : المسكين أبلغ فاقة ; لأنه لا شيء له . والفقير من له بلغة من الشيء . وقال الضحاك : الفقراء هم من المهاجرين ، والمساكين من لم يهاجر . وقال النخعي نحوه . وقال عكرمة : الفقراء من المسلمين ، والمساكين من أهل الذمة . لا نقول لفقراء المسلمين مساكين . وروي عنه بالعكس حكاه مكي . وقال الشافعي في كتاب ابن المنذر : الفقير من لا مال له ولا حرفة ، سائلا كان أو متعففا ، والمسكين الذي له حرفة أو مال ولكن لا يغنيه ذلك سائلا كان أو غير سائل . وقال قتادة : الفقير الزمن المحتاج ، والمسكين الصحيح المحتاج . وقال ابن عباس : والحسن ، ومجاهد ، والزهري ، وابن زيد ، وجابر بن زيد ، والحكم ، ومقاتل ، ومحمد بن مسلمة : المساكين الذين يسعون ويسألون ، والفقراء هم الذين يتعاونون .

وأما بقاء الحكم للأصناف الثمانية فذهب عمر بن الخطاب ، والحسن ، والشعبي ، وجماعة : إلى أنه انقطع صنف المؤلفة بعزة الإسلام وظهوره ، وهذا مشهور مذهب مالك ، وأبي حنيفة ، قال بعض الحنفيين : أجمعت الصحابة على سقوط سهمهم في خلافة أبي بكر لما أعز الله الإسلام وقطع دابر الكافرين . وقال القاضي عبد الوهاب : إن احتيج إليهم في بعض الأوقات أعطوا من الصدقات . وقال كثير من أهل العلم : المؤلفة قلوبهم موجودون إلى يوم القيامة . قال ابن عطية : وإذا تأملت الثغور وجدت فيها الحاجة إلى الائتلاف . انتهى . وقال يونس : سألت الزهري عنهم فقال : لا أعلم نسخا في ذلك . قال أبو جعفر النحاس : فعلى هذا الحكم فيهم ثابت ، فإن كان أحد يحتاج إلى تألفه ويخاف أن تلحق المسلمين منه آفة أو يرجى حسن إسلامه بعد دفع إليه . وقال القاضي أبو بكر بن العربي : الذي عندي أنه إن قوي الإسلام زالوا ، وإن احتيج إليهم أعطوا سهمهم ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم . فإن في الصحيح : " بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ " . وفي كتاب التحرير قال الشافعي : العامل والمؤلفة قلوبهم مفقودان في هذا الزمان . بقيت الأصناف الستة ، فالأولى صرفها إلى الستة . وأما أنه يعتبر في كل صنف منها ما دل عليه لفظه إن كان موجودا فهو مذهب الشافعي ، ذهب إلى أنه لا بد في كل صنف من ثلاثة ; لأن أقل الجمع ثلاثة ، فإن دفع سهم الفقراء إلى فقيرين ضمن نصيب الثالث وهو ثلث سهم . وقال أصحاب أبي حنيفة : يجوز أن يعطي جميع زكاته مسكينا واحدا . وقال مالك : لا بأس أن يعطي الرجل زكاة الفطر عن نفسه وعياله واحدا ، واللام في للفقراء ، قيل : للملك ، وقيل : للاختصاص .

والظاهر عموم الفقراء والمساكين ، فيدخل فيه الأقارب والأجانب وكل من اتصف بالفقر والمسكنة . فأما ذوو قربى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال أصحاب أبي حنيفة : تحرم عليهم [ ص: 59 ] الصدقة ؛ منهم آل العباس ، وآل علي ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل الحرث بن عبد المطلب . وروي عن أبي حنيفة وليس بالمشهور أن فقراء بني هاشم يدخلون في آية الصدقة . وقال أبو يوسف : لا يدخلون . قال أبو بكر الرازي : المشهور عن أصحابنا أنهم من تقدم من آل العباس ومن ذكر معهم ، ويخص التحريم الفرض لا صدقة التطوع . وقال مالك : لا تحل الزكاة لآل محمد ، ويحل التطوع . وقال الثوري : لا تحل لبني هاشم ، ولم يذكر فرقا بين النفل والفرض . وقال الشافعي : تحرم صدقة الفرض على بني هاشم وبني المطلب ، وتجوز صدقة التطوع على كل أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان لا يأخذها . وقال ابن الماجشون ، ومطرف ، وأصبغ ، وابن حبيب : لا يعطى بنو هاشم من الصدقة المفروضة ، ولا من التطوع . وقال مالك في الواضحة : لا يعطى آل محمد من التطوع .

وأما أقارب المزكي فقال أصحاب أبي حنيفة : لا يعطى منها والد وإن علا ، ولا ابن وإن سفل ، ولا زوجة . وقال مالك ، والثوري ، والحسن بن صالح ، والليث : لا يعطي من تلزمه نفقته . وقال ابن شبرمة : لا يعطي قرابته الذين يرثونه ، وإنما يعطي من لا يرثه وليس في عياله . وقال الأوزاعي : لا يتخطى بزكاة ماله فقراء أقاربه إذا لم يكونوا من عياله ، ويتصدق على مواليه من غير زكاة ماله . وقالمالك ، والثوري ، وابن شبرمة ، والشافعي ، وأصحاب أبي حنيفة : لا يعطى الفرض من الزكاة . وقال عبيد الله بن الحسن : إذا لم يجد مسلما أعطى الذمي ، فكأنه يعني الذمي الذي هو بين ظهرانيهم . وقال مالك وأبو حنيفة : لا تعطي الزوجة زوجها من الزكاة . وقال الثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد : تعطيه ، واختلفوا في المقدار الذي إذا ملكه الإنسان دخل به في حد الغنى وخرج عن حد الفقر وحرمت عليه الصدقة . فقال قوم : إذا كان عند أهله ما يغديهم ويعشيهم حرمت عليه الصدقة ، ومن كان عنده دون ذلك حلت له . وقال قوم : حتى يملك أربعين درهما ، أو عدلها من الذهب . وقال قوم : حتى تملك خمسين درهما أو عدلها من الذهب ، وهذا مروي عن علي ، وعبد الله ، والشعبي . قال مالك : حتى تملك مائتي درهم أو عدلها من عرض أو غيره فاضلا عما يحتاج إليه من مسكن وخادم وأثاث وفرش ، وهو قول أصحاب أبي حنيفة . فلو دفعها إلى من ظن أنه فقير فتبين أنه غني ، أو تبين أن المدفوع إليه أبوه أو ذمي ، ولم يعلم بذلك وقت الدفع فقال أبو حنيفة ومحمد : يجزئه . وقال أبو يوسف : لا يجزئه .

والعامل هو الذي يستنيبه الإمام في السعي في جميع الصدقات ، وكل من يصرف ممن لا يستغنى عنه فيها فهو من العاملين ، ويسمى جابي الصدقة والساعي ، قال :


إن السعاة عصوك حين بعثتهم لم يفعلوا مما أمرت فتيلا



وقال :


سعى عقالا فلم يترك لنا سيدا     فكيف لو قد سعى عمرو عقالين



أراد بالعقال هنا زكاة السنة ، وتعدى بعلى ولم يقل فيها ; لأن على للاستعلاء المشعر بالولاية . والجمهور على أن للعامل قدر سعيه ، ومؤنته من مال الصدقة . وبه قال مالك والشافعي في كتاب ابن المنذر ، وأبو حنيفة وأصحابه . فلو تجاوز ذلك من الصدقة ، فقيل : يتم له من سائر الأنصباء . وقيل : من خمس الغنيمة . وقال مجاهد ، والضحاك ، والشافعي : هو الثمن على قسم القرآن . وقال مالك من رواية ابن أبي أويس ، وداود بن سعيد عنه : يعطون من بيت المال .

واختلف في الإمام ، هل له حق في الصدقات ؟ فمنهم من قال : هو العامل في الحقيقة ، ومنهم من قال : لا حق له فيها . والجمهور على أن أخذها مفوض للإمام ومن استنابه ، فلو فرقها المزكي بنفسه دون إذن الإمام أخذها منه ثانيا . وقال أبو حنيفة : لا يجوز أن يعمل على الصدقة أحد من بني هاشم ويأخذ عمالته منها ، فإن تبرع فلا خلاف بين أهل [ ص: 60 ] العلم في جوازه . وقال آخرون : لا بأس لهم بالعمالة من الصدقة . وقيل : إن عمل أعطيها من الخمس .

والمؤلفة قلوبهم أشراف العرب ، مسلمون لم يتمكن الإيمان من قلوبهم ، أعطاهم ليتمكن الإيمان من قلوبهم ، أو كفار لهم أتباع أعطاهم ليتألفهم وأتباعهم على الإسلام . قال الزهري : المؤلفة من أسلم من يهودي أو نصراني وإن كان غنيا ، فمن المؤلفة : أبو سفيان بن حرب ، وسهيل بن عمرو ، والحرث بن هشام ، وحويطب بن عبد العزى ، وصفوان بن أمية ، ومالك بن عوف النضري ، والعلاء بن حارثة الثقفي ، فهؤلاء أعطاهم الرسول صلى الله عليه وسلم مائة بعير مائة بعير . ومخرمة بن نوفل الزهري ، وعمير بن وهب الجمحي ، وهشام بن عمرو العابدي ، أعطاهم دون المائة . ومن المؤلفة : سعيد بن يربوع ، والعباس بن مرداس ، وزيد الخيل ، وعلقمة بن علاثة ، وأبو سفيان الحرث بن عبد المطلب ، وحكيم بن حزام ، وعكرمة بن أبي جهل ، وسعيد بن عمرو ، وعيينة بن حصن . وحسن إسلام المؤلفة حاشا عيينة فلم يزل مغموصا عليه .

وأما قوله ( وفي الرقاب ) فالتقدير : وفي فك الرقاب فيعطي ما حصل به فك الرقاب من ابتداء عتق يشتري منه العبد فيعتق ، أو تخليص مكاتب أو أسير . وقال النخعي ، والشعبي ، وابن جبير ، وابن سيرين : لا يجزئ أن يعتق من الزكاة رقبة كاملة ، وهو قول أصحاب أبي حنيفة ، والليث ، والشافعي . وقال ابن عباس ، وابن عمر : أعتق من زكاتك . وقال ابن عمر ، والحسن ، وأحمد ، وإسحاق : يعتق من الزكاة ، وولاؤه لجماعة المسلمين لا للمعتق . وعن مالك ، والأوزاعي : لا يعطى المكاتب من الزكاة شيئا ، ولا عبد كان مولاه موسرا أو معسرا . وعن ابن عباس ، والحسن ، ومالك : هو ابتداء العتق وعون المكاتب بما يأتي على حريته . والجمهور على أن المكاتبين يعانون في فك رقابهم من الزكاة . ومذهب أبي حنيفة وابن حبيب : أن فك رقاب الأسارى يدخل في قوله : ( وفي الرقاب ) ، فيصرف في فكاكها من الزكاة . وقال الزهري : سهم الرقاب نصفان : نصف للمكاتبين ، ونصف يعتق منه رقاب مسلمون ممن صلى .

والغارم : من عليه دين ، قاله ابن عباس ، وزاد مجاهد ، وقتادة : في غير معصية ولا إسراف . والجمهور على أنه يقضي منها دين الميت إذ هو غارم . وقال أبو حنيفة وابن المواز : لا يقضى منها . وقال أبو حنيفة : ولا يقضى منها كفارة ونحوها من صنوف الله تعالى ، وإنما الغارم من عليه دين يحبس فيه . وقيل : يدخل في الغارمين من تحمل حمالات في إصلاح وبر وإن كان غنيا إذا كان ذلك يجحف بماله ، وهو قول الشافعي ، وأصحابه ، وأحمد .

( وفي سبيل الله ) هو المجاهد يعطى منها إذا كان فقيرا . والجمهور على أنه يعطى منها وإن كان غنيا ما ينفق في غزوته . وقال الشافعي ، وأحمد ، وعيسى بن دينار ، وجماعة : لا يعطى الغني إلا إن احتاج في غزوته ، وغاب عنه وفره . قال أبو حنيفة ، وصاحباه : لا يعطى إلا إذا كان فقيرا أو منقطعا به ، وإذا أعطي ملك ، وإن لم يصرفه في غزوته . وقال ابن عبد الحكم : ويجعل من الصدقة في الكراع والسلاح وما يحتاج إليه من آلات الحرب وكف العدو عن الحوزة ; لأنه كله من سبيل الغزو ومنفعته . والجمهور على أنه يجوز الصرف منها إلى الحجاج والمعتمرين وإن كانوا أغنياء . وقال الزمخشري : وفي سبيل الله فقراء الغزاة والحجيج المنقطع بهم انتهى . والذي يقتضيه تعداد هذه الأوصاف أنها لا تتداخل ، واشتراط الفقر في بعضها يقضي بالتداخل . فإن كان الغازي أو الحاج شرط إعطائه الفقر ، فلا حاجة لذكره ; لأنه مندرج في عموم الفقراء ، بل كل من كان بوصف من هذه الأوصاف جاز الصرف إليه على أي حال كان من فقر أو غنى ; لأنه قام به الوصف الذي اقتضى الصرف إليه . قال ابن عطية : ولا يعطى منها في بناء مسجد ، ولا قنطرة ، ولا شراء مصحف انتهى . وابن السبيل : قال ابن عباس : هو عابر السبيل . وقال قتادة في آخرين : هو الضيف . وقال جماعة : [ ص: 61 ] هو المسافر المنقطع به وإن كان له مال في بلده . وقالت جماعة : هو الحاج المنقطع . وقال الزجاج : هو الذي قطع عليه الطريق . وفي كتاب سحنون قال مالك : إذا وجد المسافر المنقطع به من يسلفه لم يجز له أن يأخذ من الصدقة ، والظاهر الصرف إليه . وإن كان له ما يغنيه في طريقه ; لأنه ابن سبيل ، والمشهور أنه إذا كان بهذا الوصف لا يعطى . قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : لم عدل عن اللام إلى ( في ) في الأربعة الأخيرة ؟ ( قلت ) : للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره ; لأن ( في ) للوعاء ، فنبه على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات ويجعلوا مظنة لها ومصبا ، وذلك لما في فك الرقاب من الكتابة أوالرق أو الأسر ، وفي فك الغارمين من الغرم من التخليص والإنقاذ ، ولجمع الغازي الفقير أو المنقطع في الحج بين الفقر والعبادة ، وكذلك ابن السبيل جامع بين الفقر والغربة عن الأهل والمال . وتكرير ( في ) في قوله تعالى : ( وفي سبيل الله وابن السبيل ) ، فيه فضل ترجيح لهذين على الرقاب والغارمين . ( فإن قلت ) : فكيف وقعت هذه الآية في تضاعيف ذكر المنافقين ومكائدهم ؟ ( قلت ) : دل بكون هذه الأوصاف مصارف الصدقات خاصة دون غيرهم على أنهم ليسوا منهم حسما لإطعامهم وإشعارا باستيجابهم الحرمان ، وأنهم بعداء عنها وعن مصارفها ، فما لهم ولها ، وما سلطهم على الكلام لها ولمن قاسمها ، وانتصب ( فريضة ) ; لأنه في معنى المصدر المؤكد ; لأن قوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء ) ، معناه فرض من الله الصدقات لهم . وقرئ فريضة بالرفع على : تلك فريضة انتهى . وقال الكرماني ، وأبو البقاء : ( فريضة ) حال من الضمير في ( للفقراء ) ; أي مفروضة . قال الكرماني : كما تقول : هي لك طلقا انتهى . وذكر عن سيبويه أنها مصدر ، والتقدير : فرض الله الصدقات فريضة . وقال الفراء : هي منصوبة على القطع . ( والله عليم حكيم ) ; لأن ما صدر عنه هو عن علم منه بخلقه وحكمة منه في القسمة ، أو عليم بمقادير المصالح ، حكيم لا يشرع إلا ما هو الأصلح .

التالي السابق


الخدمات العلمية