صفحة جزء
( والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) : لما ذكر مثل الحياة الدنيا وما يئول إليه من الفناء والاضمحلال ، وما [ ص: 145 ] تضمنه من الآفات والعاهات ، ذكر تعالى أنه داع إلى دار السلامة والصحة والأمن ، وهي : الجنة ، إذ أهلها سالمون من كل مكروه .

ويجوز أن يكون تعالى أضافها إلى اسمه الشريف على سبيل التعظيم لها والتشريف كما قيل : بيت الله ، و ( ناقة الله ) ويجوز أن تكون مضافة إلى السلامة بمعنى : التسليم ، لفشو ذلك بينهم ، ولتسليم الملائكة عليهم كما قال : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ) .

قال الحسن : إن السلام لا ينقطع عن أهل الجنة وهو تحيتهم كما قال تعالى : ( تحيتهم فيها سلام ) وقد وردت في دعوة الله عباده أحاديث . وقال قتادة : ذكر لنا أن في التوراة مكتوبا : يا باغي الخير هلم ، ويا باغي الشر انته .

ولما كان الدعاء عاما لم تتقيد بالمشيئة ، ولما كانت الهداية خاصة تقيدت بالمشيئة فقال : ( ويهدي من يشاء ) .

وقال الزمخشري : ويهدي : يوفق من يشاء ، وهم الذين علم أن اللطف يجدي عليهم لأن مشيئته تابعة لحكمته .

التالي السابق


الخدمات العلمية