1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير المسمى البحر المحيط
  3. تفسير سورة يوسف
  4. تفسير قوله تعالى ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون
صفحة جزء
( ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين )

العير : الإبل التي عليها الأحمال ، سميت بذلك لأنها تعير أي تذهب وتجيء ، وقيل : هي قافلة الحمير ، ثم كثر حتى قيل لكل قافلة عير ، كأنها جمع عير ، وأصلها فعل كسقف وسقف ، فعل به ما فعل ببيض وعين ، والعير مؤنث ، وقالوا في الجمع : عيرات ، فشذوا في جمعه بالألف والتاء ، وفي فتح يائه وقال الشاعر :


غشيت ديار الحي بالبكرات فعارمة فبرقة العيرات

قال الأعلم : هنا مواضع الأعيار ، وهي الحمير . الصواع : الصاع ، وفيه لغات تأتي في القرآن ، ويؤنث ويذكر . الوعاء : الظرف الذي يحفظ فيه الشيء وتضم واوه ، ويجوز أن تبدل واوه همزة . فتئ : من أخوات كان الناقصة ، قال أوس بن حجر :


فما فتئت حي كأن غبارها     سرادق بوم ذي رياح ترفع

وقال أيضا :


فما فتئت خيل تثوب وتدعي     ويلحق منها لاحق وتقطع

[ ص: 327 ] ويقال فيها : فتأ على وزن ضرب ، وأفتأ على وزن أكرم ، وزعم ابن مالك أنها تكون بمعنى سكن وأطفأ ، فتكون تامة ، ورددنا عليه ذلك في شرح التسهيل ، وبينا أن ذلك تصحيف منه ، صحف الثاء بثلاث ، بالتاء بثنتين من فوق ، وشرحها بسكن وأطفأ . الحرض : المشفي على الهلاك يقال : حرض فهو حرض بكسر الراء ، حرضا بفتحها وهو المصدر ، ولذلك يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع ، وأحرضه المرض فهو محرض قال :


أرى المرء كالأزواد يصبح محرضا     كإحراض بكر في الديار مريض

وقال الآخر :


إني امرؤ لج بي حب فأحرضني     حتى بليت وحتى شفني السقم

وقال : رجل حرض بضمتين كجنب وشلل .

التالي السابق


الخدمات العلمية