صفحة جزء
أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ومن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك ياموسى مسحورا قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يافرعون مثبورا فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا

[ ص: 68 ] الدلوك الغروب قاله الفراء وابن قتيبة ، واستدل الفراء بقول الشاعر :


هذا مقام قدمي رباح غدوة حتى دلكت براح



أي : حتى غابت الشمس ، وبراح اسم الشمس ، وأنشد ابن قتيبة لذي الرمة :


مصابيح ليست باللواتي يقودها     نجوم ولا بالآفلات الدوالك



وقيل : الدلوك زوال الشمس نصف النهار . قيل : واشتقاقه من الدلك ; لأن الإنسان تدلك عينه عند النظر إليها . وقيل : الدلوك من وقت الزوال إلى الغروب . الغسق سواد الليل وظلمته . قال الكسائي : غسق الليل غسوقا ، والغسق الاسم بفتح السين . وقال النضر بن شميل : غسق الليل دخول أوله . قال الشاعر :


إن هذا الليل قد غسقا     واشتكيت الهم والأرقا



وأصله من السيلان غسقت العين تغسق هملت بالماء والغاسق السائل ، وذلك أن الظلمة تنصب على العالم . قال الشاعر :


ظلت تجود يداها وهي لاهية     حتى إذا جنح الإظلام والغسق



وسأل نافع بن الأزرق ابن عباس ما الغسق ؟ قال : الليل بظلمته ، ويقال : غسقت العين امتلأت دما . وحكى الفراء غسق الليل واغتسق وظلم وأظلم ودجى وأدجى وغبش وأغبش ، أبو عبيدة الهاجد النائم والمصلي . وقال ابن الإعرابي : هجد الرجل صلى من الليل ، وهجد نام بالليل . وقال الليث : تهجد استيقظ للصلاة . وقال ابن برزح : هجدته أيقظته ، فعلى ما ذكروا يكون من الأضداد ، والمعروف في كلام العرب أن الهاجد النائم ، وقد هجد هجودا نام . قال الشاعر :


ألا زارت وأهل منى هجود     وليت خيالها بمنى يعود



وقال آخر :


ألا طرقتنا والرفاق هجود



وقال الآخر :


وبرك هجود قد أثارت مخافتي



زهقت نفسه تزهق زهوقا ذهبت ، وزهق الباطل زال واضمحل ، ولم يثبت . قال الشاعر :


ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها     إقدامه مزالة لم تزهق



ناء ينوء : نهض . الشاكلة الطريقة ، والمذهب الذي جبل عليه قاله الفراء ، وهو مأخوذ من الشكل ، يقال : لست على شكلي ولا شاكلتي ، والشكل المثل والنظير ، والشكل بكسر الشين الهيئة ، يقال : جارية حسنة الشكل . الينبوع مفعول من النبع وهو عين تفور بالماء . الكسف القطع ، واحدها كسفة ، تقول العرب : كسفت الثوب ونحوه قطعته ، وما زعم الزجاج من أن كسف بمعنى غطى ليس بمعروف في دواوين اللغة . الرقي والرقى الصعود يقال : رقيت في السلم أرقى ، قال الشاعر :


أنت الذي كلفتني رقي الدرج     على الكلال والمشيب والعرج



خبت النار تخبو : سكن لهبها وخمدت سكن جمرها وضعف وهمدت طفئت جملة . قال الشاعر :


أمن زينب ذي النار     قبيل الصبح ما تخبو
إذا ما خمدت يلقى     عليها المندل الرطب



وقال الآخر

[ ص: 69 ]

وسطه كاليراع أو سرج المجدل     طورا يخبو وطورا ينير



الثبور : الهلاك يقال : ثبر الله العدو ثبورا أهلكه . وقال ابن الزبعرى :


إذا جارى الشيطان في سنن الغي     ومن مال مثله مثبور

اللفيف الجماعات من قبائل شتى مختلطة قد لف بعضها ببعض . وقال بعض اللغويين : هو من أسماء الجموع لا واحد له من لفظه . وقال الطبري : هو بمعنى المصدر كقول القائل : لففته لفا ولفيفا . المكث : التطاول في المدة ، يقال : مكث ومكث أطال الإقامة . الذقن مجتمع اللحيين . قال الشاعر :


فخروا لأذقان الوجوه تنوشهم     سباع من الطير العوادي وتنتف



خافت بالكلام أسره بحيث لا يكاد يسمعه المتكلم وضربه حتى خفت أي : لا يسمع له حس .

التالي السابق


الخدمات العلمية