صفحة جزء
[ ص: 498 ] ( ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )

لما تقدم تكذيب قريش والكفار لما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر تعالى ما فيه تسلية للرسول وإرهاب للمكذبين ، وتذكير لهم أن يصيبهم ما أصاب الأمم السابقة من هلاك الاستئصال لما كذبوا رسلهم ، فناسب أن ذكر أولا من نزل عليه كتابه جملة واحدة ، ومع ذلك كفروا وكذبوا به ، فكذلك هؤلاء لو نزل عليه القرآن دفعة لكذبوا وكفروا كما كذب قوم موسى .

والكتاب هنا التوراة ، و ( هارون ) بدل أو عطف بيان ، واحتمل أن يكون معه المفعول الثاني لجعلنا . وأن يكون ( وزيرا ) ، والوزارة لا تنافي النبوة ; فقد كان في الزمان الواحد أنبياء يؤازر بعضهم بعضا ، والمذهوب إليهم القبط وفرعون . وفي الكلام حذف ، أي : فذهبا وأديا الرسالة فكذبوهما ، ( فدمرناهم ) ، والتدمير أشد الإهلاك ، وأصله كسر الشيء على وجه لا يمكن إصلاحه . وقصة موسى ومن أرسل إليه ذكرت منتهية في غير ما موضع ، وهنا اختصرت فأوجز بذكر أولها وآخرها ; لأنه بذلك يلزم الحجة ببعثة الرسل واستحقاق التدمير بتكذيبهم .

وقرأ علي ، والحسن ومسلمة بن محارب : ( فدمراهم ) ، على الأمر لموسى وهارون ، وعن علي أيضا كذلك إلا أنه مؤكد بالنون الشديدة . وعنه أيضا ( فدمرا ) أمرا لهما ( بهم ) بباء الجر ، ومعنى الأمر كونا سبب تدميرهم .

وانتصب ( وقوم نوح ) على الاشتغال ، وكان النصب أرجح لتقدم الجمل الفعلية قبل ذلك ، ويكون ( لما ) في هذا الإعراب ظرفا على مذهب الفارسي . وأما إن كانت حرف وجوب لوجوب فالظاهر أن ( أغرقناهم ) جواب ( لما ) فلا يفسر ناصبا لـ ( قوم ) فيكون معطوفا على المفعول في ( فدمرناهم ) ، أو منصوبا على مضمر تقديره اذكر . وقد جوز الوجوه الثلاثة الحوفي .

( لما كذبوا الرسل ) كذبوا نوحا ومن قبله أو جعل تكذيبهم لنوح تكذيبا للجميع ، أو لم يروا بعثة الرسل كالبراهمة ، والظاهر عطف ( وعادا ) على ( وقوم ) . وقال أبو إسحاق : يكون معطوفا على الهاء والميم في ( وجعلناهم للناس آية ) . قال : ويجوز أن يكون معطوفا على ( الظالمين ) ; لأن التأويل وعدنا الظالمين بالعذاب ووعدنا ( عادا وثمود ) ، وقرأ عبد الله وعمرو بن ميمون والحسن وعيسى ( وثمود ) غير مصروف . ( وأصحاب الرس ) . قال ابن عباس : هم قوم ثمود ، ويبعده عطفه على ثمود ; لأن العطف يقتضي التغاير . وقال قتادة : أهل قرية من اليمامة يقال لها : [ ص: 499 ] الرس ، والفلج . قيل : قتلوا نبيهم فهلكوا وهم بقية ثمود وقوم صالح . وقال كعب ومقاتل والسدي : بئر بأنطاكية الشام قتل فيها صاحب ياسين وهو حبيب النجار . وقيل : قتلوا نبيهم ورسوه في بئر ، أي : دسوه فيه .

وقال وهب والكلبي : أصحاب الرس وأصحاب الأيكة قومان أرسل إليهما ، شعيب أرسل إلى أصحاب الرس ، وكانوا قوما من عبدة الأصنام وأصحاب آبار ومواش ، فدعاهم إلى الإسلام فتمادوا في طغيانهم وفي إيذائه ، فبينما هم حول الرس وهي البئر غير المطوية . وعن أبي عبيدة انهارت بهم فخسف بهم وبدارهم . وقال علي فيما نقله الثعلبي : قوم عبدوا شجرة صنوبر يقال : لها شاه درخت ، رسوا نبيهم في بئر حفروه له في حديث طويل . وقيل : هم أصحاب النبي حنظلة بن صفوان - صلى الله عليه وسلم - كانوا مبتلين بالعنقاء ، وهي أعظم ما يكون من الطير ، سميت بذلك لطول عنقها وكانت تسكن جبلهم الذي يقال له فج ، وهي تنقض على صبيانهم فتخطفهم إن أعوزها الصيد فدعا عليها حنظلة فأصابتها الصاعقة ، ثم إنهم قتلوا حنظلة فأهلكوا . وقيل : هم أصحاب الأخدود ، والرس هو الأخدود . وقال ابن عباس : الرس بئر أذربيجان . وقيل : الرس ما بين نجران إلى اليمن إلى حضرموت . وقيل : قوم بعث الله إليهم أنبياء فقتلوهم ورسوا عظامهم في بئر . وقيل : قوم بعث إليهم نبي فأكلوه . وقيل : قوم نساؤهم سواحق . وقيل : الرس ماء ونخل لبني أسد . وقيل : الرس نهر من بلاد المشرق بعث الله إليهم نبيا من أولاد يهوذا ابن يعقوب فكذبوه ، فلبث فيهم زمانا فشكا إلى الله منهم ، فحفروا له بئرا وأرسلوه فيها ، وقالوا : نرجو أن يرضى عنا إلهنا ، فكانوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم ، فدعا بتعجيل قبض روحه فمات وأظلتهم سحابة سوداء أذابتهم كما يذوب الرصاص .

وروى عكرمة ومحمد بن كعب القرظي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أن أهل الرس أخذوا نبيهم فرسوه في بئر وأطبقوا عليه صخرة ، فكان عبد أسود قد آمن به يجيء بطعام إلى تلك البئر فيعينه الله على تلك الصخرة فيقلعها فيعطيه ما يغذيه به . ثم يرد الصخرة ، إلى أن ضرب الله يوما على أذن ذلك الأسود بالنوم أربع عشرة سنة ، وأخرج أهل القرية نبيهم فآمنوا به " . في حديث طويل . قال الطبري : فيمكن أنهم كفروا بعد ذلك فذكرهم الله في هذه الآية ، وكثر الاختلاف في أصحاب الرس ، فلو صح ما نقله عكرمة ومحمد بن كعب كان هو القول الذي لا يمكن خلافه ( وملخص هذه الأقوال ) أنهم قوم أهلكهم الله بتكذيب من أرسل إليهم .

( وقرونا بين ذلك ) هذا إبهام لا يعلم حقيقة ذلك إلا الله ، و ( ذلك ) إشارة إلى أولئك المتقدمي الذكر ; فلذلك حسن دخول ( بين ) عليه من غير أن يعطف عليه شيء ، كأنه قيل بين المذكورين ، وقد يذكر الذاكر أشياء مختلفة . ثم يشير إليها . وانتصب ( كلا ) الأول على الاشتغال ، أي : وأنذرنا كلا أو حذرنا كلا ، والثاني على أنه مفعول بتبرنا ; لأنه لم يأخذ مفعولا ، وهذا من واضح الإعراب . ومعنى ضرب الأمثال ، أي : بين لهم القصص العجيبة من قصص الأولين ووصفنا لهم ما أدى إليه تكذيبهم بأنبيائهم من عذاب الله وتدميره إياهم ليهتدوا بضرب الأمثال فلم يهتدوا ، وأبعد من جعل الضمير في ( له ) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : والمعنى وكل الأمثال ضربنا للرسول وعلى هذا و ( كلا ) منصوب بضربنا ، و ( الأمثال ) بدل من ( كلا ) ، والضمير في ( ولقد أتوا ) لقريش كانوا يمرون على سدوم من قرى قوم لوط في متاجرهم إلى الشام ، وكانت قرى خمسة ، أهلك الله منها أربعا وبقيت واحدة ، وهي زغر لم يكن أهلها يعملون ذلك العمل ; قاله ابن عباس : و ( مطر السوء ) الحجارة التي أمطرت عليهم من السماء فهلكوا . وكان إبراهيم - عليه السلام - ينادي نصيحة لكم : يا سدوم ، يوم لكم من الله - عز وجل - أنهاكم أن تتعرضوا للعقوبة من الله ، ومعنى ( أتوا ) مروا فلذلك عداه بعلى . وأفرد لفظ القرية وإن كانت قرى ; لأن سدوم هي أم تلك [ ص: 500 ] القرى وأعظمها . وقال مكي : الضمير في أتوا عائد على الذين اتخذوا القرآن مهجورا . انتهى ، وهم قريش ، وانتصب ( مطر ) على أنه مفعول ثان لأمطرت ، على معنى أوليت ، أو على أنه مصدر محذوف الزوائد ، أي : إمطار السوء . ( أفلم يكونوا يرونها ) أي : ينظرون إلى ما فيها من العبر والآثار الدالة على ما حل بها من النقم كما قال : ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل ) ، وقال : ( وإنهما لبإمام مبين ) ، وهو استفهام معناه التعجب ، ومع ذلك فلم يعتبروا برؤيتها أن يحل بهم في الدنيا ما حل بأولئك ، بل كانوا كفرة لا يؤمنون بالبعث فلم يتوقعوا عذاب الآخرة ، وضع الرجاء موضع التوقع ; لأنه إنما يتوقع العاقبة من يؤمن ، فمن ثم لم ينظروا ولم يتفكروا ومروا بها كما مرت ركابهم ، أو لا يأملون ( نشورا ) كما يأمله المؤمنون لطمعهم إلى ثواب أعمالهم ، أو لا يخافون على اللغة التهامية . وقرأ زيد بن علي " مطرت " ثلاثيا مبنيا للمفعول ، ومطر متعد . قال الشاعر :


كمن بواديه بعد المحل ممطور



وقرأ أبو السماك : ( مطر السوء ) بضم السين . ( وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا ) ، لم يقتصر المشركون على إنكار نبوة الرسول - عليه الصلاة والسلام - وترك الإيمان به ، بل زادوا على ذلك بالاستهزاء والاحتقار . حتى يقول بعضهم لبعض : ( أهذا الذى بعث الله رسولا ) ، و ( إن ) نافية جواب ( إذا ) ، وانفردت ( إذا ) بأنه إذا كان جوابها منفيا بما أو بلا لا تدخله الفاء ، بخلاف أدوات الشرط غيرها فلا بد من الفاء مع ما ومع لا إذا ارتفع المضارع ، فلو وقعت إن النافية في جواب غير إذا فلا بد من الفاء كما النافية ، ومعنى ( هزؤا ) موضع هزء أو مهزوا به ، ( أهذا ) قبله قول محذوف ، أي : يقولون ، وقال : جواب ( إذا ) ما أضمر من القول ، أي : ( وإذا رأوك ) قالوا : ( أهذا الذى بعث الله رسولا ) ، و ( إن يتخذونك ) جملة اعتراضية بين ( إذا ) وجوابها . قيل : ونزلت في أبي جهل ; كان إذا رأى الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال : ( أهذا الذى بعث الله رسولا ) ؟ وأخبر بلفظ الجمع تعظيما لقبح صنعه أو لكون جماعة معه قالوا ذلك ، والظاهر أن قائل ذلك جماعة كثيرة ، وهذا الاستفهام استصغار واحتقار منهم أخرجوه بقولهم : بعث الله رسولا في معرض التسليم والإقرار ، وهم على غاية الجحود والإنكار سخرية واستهزاء ، ولو لم يستهزئوا لقالوا هذا زعم أو ادعى أنه مبعوث من عند الله رسولا . وقولهم : ( إن كاد ليضلنا ) دليل على فرط مجاهدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دعوتهم ، وبذله قصارى الوسع والطاقة في استعطافهم مع عرض الآيات والمعجزات ، حتى شارفوا بزعمهم أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام ، لولا فرط لجاجهم واستمساكهم بعبادة آلهتهم . و ( لولا ) في مثل هذا الكلام جار - من حيث المعنى لا من حيث اللفظ - مجرى التقييد للحكم المطلق ; قاله الزمخشري . وقال أبو عبد الله الرازي : الاستهزاء إما بالصورة فكان أحسن منهم خلقة ، أو بالصفة فلا يمكن ; لأن الصفة التي تميز بها عنهم ظهور المعجز عليه دونهم ، وما قدروا على القدح في حجته ففي الحقيقة هم الذين يستحقون أن يهزأ بهم ، ثم لوقاحتهم قلبوا القصة واستهزءوا بالرسول - عليه الصلاة والسلام - انتهى . قيل : وتدل الآية على أنهم صاروا في ظهور حجته - عليه الصلاة والسلام - عليهم كالمجانين استهزءوا به أولا ، ثم إنهم وصفوه بأنه ( كاد ليضلنا ) عن مذهبنا ( لولا ) أنا قابلناه بالجمود والإصرار ، فهذا يدل على أنهم سلموا له قوة الحجة وكمال العقل ، فكونهم جمعوا بين الاستهزاء وبين هذه الكيدودة دل على أنهم كانوا كالمتحيرين في أمره ، تارة يستهزئون منه وتارة يصفونه بما لا يليق إلا بالعالم الكامل . ( وسوف يعلمون ) وعيد ودلالة على أنهم لا يفوتونه وإن طالت مدة الإمهال ، فلا بد للوعيد أن يلحقهم فلا يغرنهم التأخير ، ولما قالوا ( إن كاد ليضلنا ) جاء قوله : ( من أضل سبيلا ) أي : سيظهر لهم من المضل ومن الضال بمشاهدة العذاب الذي لا مخلص لهم منه . والظاهر أن ( من ) استفهامية ، و ( أضل ) خبره ، والجملة في موضع مفعول ( يعلمون ) إن كانت [ ص: 501 ] متعدية إلى واحد ، أو في موضع مفعولين إن كانت تعدت إلى اثنين ، ويجوز أن تكون ( من ) موصولة مفعولة بيعلمون ، و ( أضل ) خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو أضل ، وصار حذف هذا المضمر للاستطالة التي حصلت في قول العرب : ما أنا بالذي قائل لك سواء . ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) هذا يأس عن إيمانهم وإشارة إليه - عليه السلام - أن لا يتأسف عليهم ، وإعلام أنهم في الجهل بالمنافع وقلة النظر في العواقب مثل البهائم ، ثم ذكر أنهم ( أضل سبيلا ) من الأنعام من حيث لهم فهم وتركوا استعماله فيما يخلصهم من عذاب الله . والأنعام لا سبيل لها إلى فهم المصالح . و ( أرأيت ) استفهام تعجب من جهل من هذه حاله ، و ( إلهه ) المفعول الأول لاتخذ ، و ( هواه ) الثاني ، أي : أقام مقام الإله الذي يعبده هواه فهو جار على ما يكون في ( هواه ) ، والمعنى أنه لم يتخذ إلها إلا هواه ، وادعاء القلب ليس بجيد إذ يقدره من اتخذ هواه إلهه ، والبيت من ضرائر الشعر ونادر الكلام فينزه كلام الله عنه ، كان الرجل يعبد الصنم فإذا رأى أحسن منه رماه وأخذ الأحسن . قيل : نزلت في الحارث بن قيس السهمي ، كان إذا هوي شيئا عبده ، والهوى ميل القلب إلى الشيء ( أفأنت ) تجبره على ترك هواه ، أو ( أفأنت ) تحفظه من عظيم جهله . وقرأ بعض أهل المدينة " من اتخذ آلهة " منونة على الجمع ، وفيه تقديم جعل هواه أنواعا أسماء لأجناس مختلفة ، فجعل كل جنس من هواه إلها آخر . وقرأ ابن هرمز : ( إلاهة ) على وزن فعالة ، وفيه أيضا تقديم أي : هواه إلاهة ، بمعنى معبود ; لأنها بمعنى المألوهة . فالهاء فيها للمبالغة فلذلك صرفت . وقيل : بل الإلاهة الشمس ، ويقال لها ألاهة بضم الهمزة ، وهي غير مصروفة للعلمية والتأنيث ، لكنها لما كانت مما يدخلها لام المعرفة في بعض اللغات صارت بمنزلة ما كان فيه اللام ثم نزعت ; فلذلك صرفت وصارت بمنزلة النعوت فتنكرت ; قاله صاحب اللوامح . ومفعول ( أرأيت ) الأول هو ( من ) ، والجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني . وتقدم الكلام في ( أرأيت ) في أوائل الأنعام ، ومعنى ( وكيلا ) أي : هل تستطيع أن تدعو إلى الهدى فتتوكل عليه وتجبره على الإسلام . و ( أم ) منقطعة تتقدر ببل والهمزة على المذهب الصحيح ، كأنه قال : بل أتحسب كأن هذه المذمة أشد من التي تقدمتها حتى حفت بالإضراب عنها إليها ، وهو كونهم مسلوبي الأسماع والعقول ; لأنهم لا يلقون إلى استماع الحق أذنا ولا إلى تدبره عقلا ، ومشبهين بالأنعام التي هي مثل في الغفلة والضلالة ، ونفي ذلك عن أكثرهم ; لأن فيهم من سبقت له السعادة فأسلم ، وجعلوا أضل من الأنعام ; لأنها تنقاد لأربابها وتعرف من يحسن إليها ممن يسيء إليها ، وتطلب منفعتها وتتجنب مضرتها ، وتهتدي إلى مراعيها ومشاربها ، وهم لا ينقادون لربهم ، ولا يعرفون إحسانه إليهم ، ولا يرغبون في الثواب الذي هو أعظم المنافع ، ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار ، ولا يهتدون للحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية