صفحة جزء
( فإذا النجوم طمست ) : أي أذهب نورها فاستوت مع جرم السماء ، أو عبر عن إلحاق ذواتها بالطمس ، وهو انتثارها وانكدارها ، أو أذهب نورها ثم انتثرت ممحوقة النور ( وإذا السماء فرجت ) : أي صار فيها فروج بانفطار ، وقرأ عمرو بن ميمون : طمست ، فرجت بشد الميم والراء ، والجمهور : بخفهما ( وإذا الجبال نسفت ) : أي فرقتها الرياح ، وذلك بعد التسيير وقبل كونها هباء ، وقرأ الجمهور : ( أقتت ) بالهمز وشد القاف ، وبتخفيف القاف والهمز النخعي ، والحسن ، وعيسى ، وخالد . وقرأ أبو الأشهب وعمرو بن عبيد ، وعيسى أيضا وأبو عمرو : بالواو وشد القاف . قال عيسى : وهي لغة سفلى مضر . وعبد الله والحسن وأبو جعفر : بواو واحدة وخف القاف ، والحسن أيضا : ووقتت بواوين على وزن فوعلت ، والمعنى : جعل لها وقت منتظر فحان وجاء ، أو بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره وهو يوم القيامة ، والواو في هذا كله أصل والهمزة بدل ، قال الزمخشري : ومعنى توقيت الرسل : تبيين وقتها الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم ، وجواب إذا محذوف لدلالة ما قبله عليه وتقديره : إذا كان كذا وكذا وقع ما توعدون ( لأي يوم أجلت ) : تعظيم لذلك اليوم ، وتعجيب لما يقع فيه من الهول والشدة . والتأجيل من الأجل ، أي ليوم عظيم أخرت ( ليوم الفصل ) : أي بين الخلائق ( ويل ) : تقدم الكلام فيه في أول ثاني حزب من سورة البقرة ، يومئذ : يوم إذ طمست النجوم وكان ما بعدها . وقرأ الجمهور : ( نهلك الأولين ) بضم النون ، و قتادة : بفتحها . قال الزمخشري : من هلكه بمعنى أهلكه . قال العجاج :


ومهمه هالك من تعرجا



انتهى ، وخرج بعضهم " هالك من تعرجا " على أن هالكا هو من اللازم ، ومن موصول ، فاستدل به على أن الصفة المشبهة باسم الفاعل قد يكون معمولها موصولا . وقرأ الجمهور : ( نتبعهم ) بضم العين على الاستئناف ، وهو وعد لأهل مكة . ويقوي الاستئناف قراءة عبد الله : ثم سنتبعهم بسين الاستقبال ، والأعرج ، والعباس عن أبي عمرو بإسكانها ، فاحتمل أن يكون معطوفا على ( نهلك ) واحتمل أن يكون سكن تخفيفا ، كما سكن ( وما يشعركم ) فهو استئناف ، فعلى الاستئناف يكون " الأولين " الأمم التي تقدمت قريشا أجمعا ، ويكون " الآخرين " من تأخر من قريش وغيرهم ، وعلى التشريك يكون " الأولين " قوم نوح وإبراهيم ، عليهما السلام ، ومن كان معهم ، " والآخرين " قوم فرعون ومن تأخر وقرب من مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم . والإهلاك هنا إهلاك العذاب والنكال ، ولذلك جاء ( كذلك نفعل بالمجرمين ) فأتى بالصفة المقتضية لإهلاك العذاب وهي الإجرام . ولما ذكر إفناء [ ص: 406 ] الأولين والآخرين ذكر ووقف على أصل الخلقة التي يقتضي النظر فيها تجويز البعث ( من ماء مهين ) : أي ضعيف هو مني الرجل والمرأة ( في قرار مكين ) وهو الرحم ( إلى قدر معلوم ) أي عند الله تعالى ، وهو وقت الولادة . وقرأ علي بن أبي طالب : فقدرنا بشد الدال من التقدير ، كما قال : ( من نطفة خلقه فقدره ) وباقي السبعة : بخفها من القدرة ؟ وانتصب ( أحياء ‎وأمواتا ) بفعل يدل عليه ما قبله ، أي يكفت أحياء على ظهرها ، وأمواتا في بطنها ، واستدل بهذا من قال : إن النباش يقطع ، لأن بطن الأرض حرز للكفن ، فإذا نبش وأخذ منه فهو سارق . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون المعنى : نكفتكم أحياء وأمواتا ، فينتصبا على الحال من الضمير لأنه قد علم أنها كفات الإنس . انتهى . و ( رواسي ) : جبالا ثابتات ( شامخات ) : مرتفعات ، ومنه شمخ بأنفه : ارتفع ، شبه المعنى بالجرم ( وأسقيناكم ) : جعلناه سقيا لمزارعكم ومنافعكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية