( 
يسألونك   ) أي 
قريش  ، وكانوا يلحون في البحث عن وقت الساعة ، إذ كان يتوعدهم بها ويكثر من ذلك ، فنزلت هذه الآية . ( 
أيان مرساها   ) : متى إقامتها ؟ أي متى يقيمها الله ويثبتها ويكونها ؟ وقيل : أيان منتهاها ومستقرها ؟ كما أن مرسى السفينة ومستقرها حيث تنتهي إليه . ( 
فيم أنت من ذكراها   ) قالت 
عائشة  رضي الله تعالى عنها : 
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن الساعة كثيرا ، فلما نزلت هذه الآية . انتهى   . والمعنى : في أي شيء أنت من ذكر تحديدها ووقتها ؟ أي لست من ذلك في شيء ( 
إنما أنت منذر   ) . ( 
إلى ربك منتهاها   ) أي انتهاء علم وقتها ، لم يؤت علم ذلك أحد من خلقه ، وقيل : ( فيم ) إنكار لسؤالهم ، أي فيم هذا السؤال ؟ ثم قال : ( 
أنت من ذكراها   ) ، وعلامة من علاماتها ، فكفاهم بذلك دليلا على دنوها ومشارفتها ووجوب الاستعداد لها ، ولا معنى لسؤالهم عنها ( 
إنما أنت منذر من يخشاها   ) : أي لم تبعث لتعلمهم بوقت الساعة الذي لا فائدة لهم في علمه ، وإنما بعثت لتنذر من أهوالها من يكون إنذارك لطفا به في الخشية منها . انتهى . وهذا القول حكاه 
 nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري  وزمكه بكثرة ألفاظه ، وهو تفكيك للكلام وخروج عن الظاهر المتبادر إلى الفهم ، ولم يخله من دسيسة الاعتزال ، وقرأ الجمهور : ( 
منذر من   ) بالإضافة ، وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز  وأبو جعفر  ، 
وشيبة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15804وخالد الحذاء  ، 
وابن هرمز  ، 
وعيسى  ، 
وطلحة  ، 
وابن محيصن  ، 
وأبو عمر  في رواية ، 
وابن مقسم    : ( منذر ) بالتنوين ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري    : وقرئ منذر بالتنوين ، وهو الأصل والإضافة تخفيف ، وكلاهما يصلح للحال والاستقبال ، فإذا أريد الماضي ، فليس إلا الإضافة ، كقولك : هو منذر زيد أمس . انتهى . أما قوله : وهو الأصل ، يعني التنوين ، فهو قول قد قاله غيره ممن تقدم ، وقد قررنا في هذا الكتاب ، وفيما كتبناه في هذا العلم أن الأصل الإضافة ، لأن العمل إنما هو بالشبه ، والإضافة هي أصل في الأسماء ، وأما قوله : فإذا أريد الماضي ، فليس إلا الإضافة ، فهذا فيه تفصيل وخلاف مذكور في علم النحو ، وخص ( 
من يخشاها   ) لأنه هو المنتفع بالإنذار ، ( 
كأنهم يوم يرونها   ) تقريب وتقرير لقصر مقامهم في الدنيا ( 
لم يلبثوا   ) لم يقيموا في الدنيا ( 
إلا عشية   ) يوم أو بكرته ، وأضاف الضحى إلى العشية لكونها طرفي النهار بدأ بذكر أحدهما فأضاف الآخر إليه تجوزا واتساعا ، وحسن الإضافة كون الكلمة فاصلة ، والله سبحانه وتعالى أعلم .