صفحة جزء
( إن الذين كفروا سواء عليهم ) إن : حرف توكيد يتشبث بالجملة المتضمنة الإسناد الخبري ، فينصب المسند إليه ، ويرتفع المسند وجوبا عند الجمهور ، ولها ولأخواتها باب معقود في النحو . وتأتي أيضا حرف جواب بمعنى نعم خلافا لمن منع ذلك . الكفر : الستر ، ولهذا قيل : كافر للبحر ، ومغيب الشمس ، والزارع ، والدافن ، والليل ، والمتكفر ، والمتسلح . فبينها كلها قدر مشترك وهو الستر ، سواء اسم بمعنى استواء مصدر استوى ، ووصف به بمعنى مستو ، فتحمل الضمير . قالوا : مررت برجل سواء ، والعدم قالوا : أصله العدل ، قال زهير :

يسوي بينها فيها السواء

. ولإجرائه مجرى المصدر لا يثنى ، قالوا : هما سواء استغنوا بتثنية سي بمعنى سواء ، كقي بمعنى قواء ، وقالوا : هما سيان . وحكى أبو زيد تثنيته عن بعض العرب . قالوا : هذان سواآن ، ولذلك لا تجمع أيضا ، قال :


وليل يقول الناس من ظلماته     سواء صحيحات العيون وعورها .



[ ص: 45 ] وهمزته منقلبة عن ياء ، فهو من باب طويت .

وقال صاحب اللوامح : قرأ الجحدري سواء بتخفيف الهمزة على لغة الحجاز ، فيجوز أنه أخلص الواو ، ويجوز أنه جعل الهمزة بين بين ، وهو أن يكون بين الهمزة والواو . وفي كلا الوجهين لا بد من دخول النقص فيما قبل الهمزة الملينة من المد ، انتهى . فعلى هذا يكون سواء ليس لامه ياء بل واوا ، فيكون من باب قواء . وعن الخليل : سوء عليهم بضم السين مع واو بعدها مكان الألف ، مثل دائرة السوء على قراءة من ضم السين ، وفي ذلك عدول عن معنى المساواة إلى معنى القبح والسب ، ولا يكون على هذه القراءة له تعلق إعراب بالجملة بعدها بل يبقى .

( أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) إخبار بانتفاء إيمانهم على تقدير إنذارك وعدم إنذارك ، وأما سواء الواقع في الاستثناء في قولهم قاموا سواك بمعنى قاموا غيرك ، فهو موافق لهذا في اللفظ ، مخالف في المعنى ، فهو من باب المشترك ، وله أحكام ذكرت في باب الاستثناء . الهمزة للنداء ، وزيد وللاستفهام الصرف ، وذلك ممن يجهل النسبة فيسأل عنها ، وقد يصحب الهمزة التقرير : ( أأنت قلت للناس ) ؟ والتحقيق ،

ألستم خير من ركب المطايا

. والتسوية ( سواء عليهم أأنذرتهم ) ، والتوبيخ ( أذهبتم طيباتكم ) ، والإنكار أزيدنيه لمن قال جاء زيد ، وتعاقب حرف القسم الله لأفعلن . الإنذار : الإعلام مع التخويف في مدة تسع التحفظ من المخوف ، وإن لم تسع سمي إعلاما وإشعارا وإخبارا ، ويتعدى إلى اثنين : ( إنا أنذرناكم عذابا قريبا ) ، ( فقل أنذرتكم صاعقة ) ، والهمزة فيه للتعدية ، يقال : نذر القوم إذا علموا بالعدو . وأم حرف عطف ، فإذا عادل الهمزة وجاء بعده مفرد أو جملة في معنى المفرد سميت أم متصلة ، وإذا انخرم هذان الشرطان أو أحدهما سميت منفصلة ، وتقرير هذا في النحو ، ولا تزاد خلافا لأبي زيد . لم حرف نفي معناه النفي وهو مما يختص بالمضارع ، اللفظ الماضي معنى ، فعمل فيه ما يخصه ، وهو الجزم ، وله أحكام ذكرت في النحو .

التالي السابق


الخدمات العلمية