صفحة جزء
( ولكن الله ذو فضل على العالمين ) وجه الاستدراك هنا هو أنه لما قسم الناس إلى مدفوع به ومدفوع ، وأنه بدفعه بعضهم ببعض امتنع فساد الأرض ، فيهجس في نفس من غلب وقهر عن ما يريد من الفساد في الأرض أن الله تعالى غير متفضل عليه ، إذ لم يبلغه مقاصده ومآربه ، فاستدرك أنه ، وإن لم يبلغ مقاصده هذا الطالب للفساد أن الله لذو فضل عليه ويحسن إليه ، واندرج في عموم العالمين ، وقال تعالى : ( إن الله لذو فضل على الناس ) وما من أحد إلا ولله عليه فضل ، ولو لم يكن إلا فضل الاختراع .

وهذا الذي أبديناه من فائدة الاستدراك هو على ما قرره أهل العلم باللسان من أن ( لكن ) تكون بين متنافيين بوجه ما ، ويتعلق ( على العالمين ) بفضل ؛ لأن فعله يتعدى بـ ( على ) ، فكذلك المصدر ، وربما حذفت ( على ) مع الفعل ، تقول : فضلت فلانا أي : على فلان ، وجمع بين الحذف والإثبات في قول الشاعر :


وجدنا نهشلا فضلت فقيما كفضل ابن المخاض على الفصيل



وإذا عدي إلى مفعول به بالتضعيف لزمت عليه ، كقوله : ( فضل الله المجاهدين على القاعدين ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية