صفحة جزء
( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) نزلت في أحبار اليهود : أبي رافع ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وكعب بن الأشرف ، وحيي بن أخطب ، قاله عكرمة . أو : فيمن حرف نعته - صلى الله عليه وسلم - من اليهود ، قاله الحسن . أو : في خصومة الأشعث بن قيس مع يهودي ، أو مع بعض قرابته . أو : في رجل حلف على سلعة مساء لأعطي بها أول النهار كذا ، يمينا كاذبة ، قاله مجاهد ، والشعبي .

والإضافة في ( بعهد الله ) إما للفاعل وإما للمفعول ، أي : بعهد الله إياه من الإيمان بالرسول الذي بعث مصدقا لما معهم ، وبأيمانهم التي حلفوها لنؤمنن به ، ولننصرنه ، أو بعهد الله . والاشتراء هنا مجاز ، والثمن القليل : متاع الدنيا من الرشى ، والتراؤش ، ونحو ذلك ، والظاهر أنها في أهل الكتاب لما احتف بها من الآيات التي قبلها ، والآيات التي بعدها .

( أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ) أي : لا نصيب لهم في الآخرة ، اعتاضوا بالقليل الفاني عن [ ص: 502 ] النعيم الباقي ، ونعني : لا نصيب له من الخير ، نفي نصيب الخير عنه .

( ولا يكلمهم الله ) قال الطبري : أي بما يسرهم . وقال غيره : لا يكلمهم جملة ، وإنما تحاسبهم الملائكة ، قاله الزجاج . وقال قوم : هو عبارة عن الغضب ، أي : لا يحفل بهم ، ولا يرضى عنهم ، وقاله ابن بحر . وقد تقدم في البقرة شرح : ( ولا يكلمهم الله ) .

( ولا ينظر إليهم يوم القيامة ) قال الزمخشري : ولا ينظر إليهم مجاز عن الاستهانة بهم ، والسخط عليهم ، تقول : فلان لا ينظر إلى فلان ، يريد نفي اعتداده به وإحسانه إليه . فإن قلت : أي فرق بين استعماله فيمن يجوز عليه النظر ، وفيمن لا يجوز عليه ؟ .

قلت أصله فيمن يجوز عليه النظر الكناية ، لأن من اعتد بالإنسان التفت إليه ، وأعاره نظر عينيه ، ثم كثر حتى صار عبارة عن الاعتداد والإحسان ، وإن لم يكن ثم نظر ، ثم جاء فيمن لا يجوز عليه النظر مجردا لمعنى الإحسان مجازا عما وقع كناية عنه فيمن يجوز عليه النظر انتهى كلامه . وقال غيره : ولا ينظر أي : لا يرحم قال :


فقلت انظري يا أحسن الناس كلهم لذي غلة صديان قد شفه الوجد



( ولا يزكيهم ) ولا يثني عليهم ، أو لا ينمي أعمالهم ، فهي تنمية لهم ، أو لا يطهرهم من الذنوب . أقوال ثلاثة ، وتقدم شرحه في البقرة . ( ولهم عذاب أليم ) تقدم شرحه أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية