صفحة جزء
( ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ) الطرف : من قتل ببدر ، هم سبعون من رؤساء قريش ، أو من قتل ب أحد وهم اثنان وعشرون رجلا على الصحيح . وقال السدي : ثمانية عشر ، أو مجموع المقتولين في الوقعتين ، ثلاثة أقوال . وكنى عن الجماعة بقوله : طرفا ؛ لأن من قتله المسلمون في حرب هم طرف من الكفار ، إذ هم الذين يلون القاتلين ، فهم حاشية منهم . فكان جميع الكفار رفقة ، وهؤلاء المقتولون طرفا منها . قيل : ويحتمل أن يراد بقوله : طرفا دابرا أي آخرا ، وهو راجع لمعنى الطرف ؛ لأن آخر الشيء طرف منه ( أو يكبتهم ) أي ليخزيهم ويغيظهم ، فيرجعوا غير ظافرين بشيء مما أملوه . ومتى وقع النصر على الكفار ، فإما بقتل ، وإما بخيبة ، وإما بهما . وهو كقوله : ( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ) . وقرأ الجمهور " أو تكبتهم " بالتاء . وقرأ لاحق بن حميد : " أو يكبدهم " بالدال مكان التاء ، والمعنى : يصيب الحزن كبدهم . وللمفسرين في " يكبتهم " أقوال ؛ يهزمهم ، قاله ابن عباس والزجاج ، أو يخزيهم قاله قتادة ومقاتل ، أو يصرعهم ، قاله أبو عبيدة واليزيدي ، أو يهلكهم قاله أبو عبيدة . أو يلعنهم قاله : السدي . أو يظفر عليهم ، قاله : المبرد . أو يغيظهم قاله : النضر بن شميل واختاره ابن قتيبة . وأما قراءة لاحق فهي من إبدال الدال بالتاء كما قالوا . هوت الثوب وهرده ، إذا حرقه ، وسبت رأسه وسبده إذا حلقه ، فكذلك كبت العدو وكبده أي أصاب كبده .

واللام في " ليقطع " يتعلق قيل : بمحذوف تقديره أمدكم أو نصركم . وقال الحوفي : يتعلق بقوله : ( ولقد نصركم الله ) أي نصركم ليقطع . قال : ويجوز أن يتعلق بقوله : ( وما النصر إلا من عند الله ) . ويجوز أن تكون متعلقة بيمددكم . وقال ابن عطية : وقد يحتمل أن تكون اللام متعلقة بـ " جعله " ، وقيل : هو معطوف على قوله : " ولتطمئن " ، وحذف حرف العطف منه ، التقدير : ولتطمئن قلوبكم به وليقطع ، وتكون الجملة من قوله : وما النصر إلا من عند الله اعتراضية بين المعطوف عليه والمعطوف . والذي يظهر أن تتعلق بأقرب مذكور وهو : [ ص: 53 ] العامل في " من عند الله " وهو خبر المبتدأ . كأن التقدير : وما النصر إلا كائن من عند الله لا من عند غيره ؛ لأحد أمرين : إما قطع طرف من الكفار بقتل وأسر ، وإما بخزي وانقلاب بخيبة . وتكون الألف واللام في " النصر " ليست للعهد في نصر مخصوص ، بل هي للعموم ، أي : لا يكون نصر أي نصر من الله للمسلمين على الكفار إلا لأحد أمرين .

التالي السابق


الخدمات العلمية