صفحة جزء
( أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ) أولئك إشارة إلى الصنفين . وجوز أن يكون مختصا بالصنف الثاني ، ويكون " والذين إذا فعلوا " مبتدأ ، و " أولئك " وما بعده خبره ، و " جزاؤهم مغفرة " مبتدأ وخبرا في موضع خبر " أولئك " . وثم محذوف أي : جزاء أعمالهم مغفرة من ربهم لذنوبهم .

وقال ابن عطية : أوجب على نفسه بهذا الخبر الصادق قبول توبة التائب ، وليس يجب عليه تعالى من جهة العقل شيء ، بل هو بحكم الملك لا معقب لأمره . وقال الزمخشري : قال أجر العاملين بعد قوله جزاؤهم ؛ لأنهما في معنى واحد ، وإنما خالف بين اللفظين لزيادة التنبيه على أن ذلك جزاء واجب على عمل ، وأجر مستحق عليه ، لا كما يقول المبطلون . وروي أن الله عز وجل أوحى إلى موسى - عليه السلام - : ما أقل حياء من يطمع في جنتي بغير عمل ، كيف أجود برحمتي على من يبخل بطاعتي ؟ وعن شهر بن حوشب : طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب ، وانتظار الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور ، وارتجاء الرحمة ممن لا يطاع حمق وجهالة . وعن الحسن : يقول الله يوم القيامة : جوزوا الصراط بعفوي ، وادخلوا الجنة برحمتي ، واقتسموها بأعمالكم . وعن رابعة البصرية أنها كانت تنشد :


ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس



انتهى ما ذكره ، والبيت الذي كانت رابعة تنشده هو لعبد الله بن المبارك . وكلام الزمخشري جار [ ص: 61 ] على مذهبه الاعتزالي من أن الإيمان دون عمل لا ينفع في الآخرة .

( ونعم أجر العاملين ) المخصوص بالمدح محذوف تقديره : ونعم أجر العاملين ذلك ، أي المغفرة والجنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية