وأجمعوا على تحريم نكاح الأمة الكافرة غير الكتابية : كالمجوسية ، والوثنية ، وغيرهما . وأما وطء المجوسية بملك اليمين ، فأجازه 
 nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس  ، و 
عطاء  ، و 
مجاهد  ، و 
 nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار    . ودلت على هذا القول ظواهر القرآن في عموم : ما ملكت أيمانكم ، وعموم ( 
إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم   ) قالوا : وهذا قول شاذ مهجور ، لم يلتفت إليه أحد من فقهاء الأمصار . وقالوا : لا يحل له أن يطأها حتى تسلم . وقالوا : إنما كان نكاح الأمة منحطا عن نكاح الحرة لما فيه من اتباع الولد لأمه في الرق ، ولثبوت حق سيدها فيها ، وفي استخدامها ، ولتبذلها بالولوج والخروج ، وفي ذلك نقصان نكاحها ومهانته إذ رضي بهذا كله ، والعزة من صفات المؤمنين . 
و ( من ) مبتدأ ، وظاهره أنه شرط . والفاء في : ( فمن ما ملكت ) فاء الجواب ، و ( من ) تتعلق بمحذوف ، تقديره : فلينكح من ما ملكت . ويجوز أن يكون ( من ) موصولة ، ويكون العامل المحذوف الذي يتعلق به قوله : من ما ملكت جملة في موضع الخبر . ومسوغات دخول الفاء في خبر المبتدأ موجودة هنا . والظاهر أن مفعول ( يستطع ) هو ( طولا ) ، و ( أن ينكح ) على هذا أجازوا فيه أن يكون أصله بحرف جر ، فمنهم من قدره بـ ( إلى ) ، ومنهم من قدره باللام ، أي : طولا إلى أن ينكح ، أو لأن ينكح ، ثم حذف حرف الجر ، فإذا قدر إلى ، كان المعنى : ومن لم يستطع منكم وصله إلى أن ينكح . وإذا قدر باللام ، كان في موضع الصفة ، التقدير : طولا ، أي : مهرا كائنا لنكاح المحصنات . وقيل : اللام المقدرة لام المفعول له ، أي : طولا لأجل نكاح المحصنات ، وأجازوا أن يكون ( أن ينكح ) في موضع نصب على المفعول به ، وناصبه طول . إذ جعلوه مصدر طلت الشيء أي نلته ، قالوا : ومنه قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق    : 
إن  nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق  صخرة عادية طالت فليس تنالها الأوعالا 
 [ ص: 221 ] أي : وطالت الأوعال أي : ويكون التقدير ومن لم يستطع منكم أن ينال نكاح المحصنات . ويكون قد أعمل المصدر المنون في المفعول به كقوله : 
بضرب بالسيوف رءوس قوم     أزلنا هامهن عن المقيل 
وهذا على مذهب 
البصريين  إذ أجازوا إعمال المصدر المنون . وإلى أن ( طولا ) مفعول ل ( يستطع ) ، و ( أن ينكح ) في موضع مفعول بقوله : ( طولا ) ، إذ هو مصدر . ذهب 
أبو علي  في التذكرة ، وأجازوا أيضا أن يكون أن ينكح بدلا من طول ، قالوا : بدل الشيء من الشيء ، وهما لشيء واحد ، لأن الطول هو القدرة والنكاح قدرة . وأجازوا أن يكون مفعول ( يستطع ) قوله : أن ينكح . وفي نصب قوله : طولا وجهان : أحدهما : أن يكون مفعولا من أجله على حذف مضاف ، أي : ومن لم يستطع منكم لعدم طول نكاح المحصنات . والثاني : قاله 
ابن عطية    . قال : ويصح أن يكون ( طولا ) نصب على المصدر ، والعامل فيه الاستطاعة ، لأنها بمعنى يتقارب . و ( أن ينكح ) على هذا مفعول بالاستطاعة ، أو بالمصدر . انتهى كلامه . وكأنه يعني أن الطول هو استطاعة ، فيكون التقدير : ومن لم يستطع منكم استطاعة أن ينكح . 
و ( ما ) من قوله : 
فمن ما ملكت موصولة اسمية ، أي : فلينكح من النوع الذي ملكته أيمانكم . و ( من فتياتكم ) : في موضع الحال من الضمير المحذوف في ( ما ملكت ) العائد على ( ما ) . ومفعول الفعل المحذوف الذي هو ( فلينكح ) محذوف ، التقدير : فلينكح أمة مما ملكت أيمانكم . ومن للتبعيض ، نحو : أكلت من الرغيف . وقيل : ( من ) في ( من ما ) زائدة ، ومفعول ذلك الفعل هو ( ما ) من قوله : ( ما ملكت أيمانكم ) . وقيل : مفعوله فتياتكم على زيادة ( من ) . وقيل : مفعوله المؤمنات ، والتقدير : فلينكح مما ملكت أيمانكم من فتياتكم الفتيات المؤمنات . والأظهر أن المؤمنات صفة لفتياتكم . وقيل : ( ما ) مصدرية التقدير من ملك إيمانكم . وعلى هذا يتعلق 
من فتياتكم بقوله : ملكت . 
ومن أغرب ما سطروه في كتب التفسير ونقلوه عن قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري    : أن فاعل ذلك الفعل المحذوف هو قوله : ( 
بعضكم من بعض   ) وفي الكلام تقديم وتأخير . والتقدير : ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فلينكح بعضهم من بعض الفتيات ، وهذا قول ينزه حمل كتاب الله عليه ، لأنه قول جمع الجهل بعلم النحو وعلم المعاني ، وتفكيك نظم القرآن عن أسلوبه الفصيح ، فلا ينبغي أن يسطر ولا يلتفت إليه . و ( منكم ) خطاب للناكحين ، وفي 
أيمانكم من فتياتكم خطاب للمالكين ، وليس المعنى أن الرجل ينكح فتاة نفسه ، وهذا التوسع في اللغة كثير .