صفحة جزء
( ولقد جاءك من نبأ المرسلين ) هذا فيه تأكيد تثبيت لما تقدم الإخبار به من تكذيب أتباع الرسل للرسل وإيذائهم وصبرهم ، إلى أن جاء النصر لهم عليهم ، والفاعل ( نبأ ) . قال الفارسي : هو ( من نبأ ) ( ومن ) زائدة; أي ولقد جاءك نبأ المرسلين ، ويضعف هذا لزيادة ( من ) في الواجب . وقيل : معرفة ، وهذا لا يجوز إلا على مذهب الأخفش ; ولأن المعنى ليس على العموم ، بل إنما جاء بعض نبئهم ، لا أنبائهم; لقوله : ( منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ) . وقال الرماني : فاعل ( جاءك ) مضمر تقديره : ولقد جاءك نبأ . وقال ابن عطية : الصواب عندي أن يقدر جلاء ، أو بيانا . وتمام هذا القول والذي قبله أن التقدير : ولقد جاء هو من نبأ المرسلين; أي نبأ ، أو بيان ، فيكون الفاعل مضمرا يفسر بنبأ ، أو بيان ، لا محذوفا لأن الفاعل لا يحذف . والذي يظهر لي أن الفاعل مضمرا تقديره : هو ، ويدل على ما دل عليه المعنى من الجملة السابقة; أي ولقد جاءك هذا الخبر من تكذيب أتباع الرسل للرسل ، والصبر والإيذاء إلى أن نصروا ، وأن هذا الإخبار ، هو بعض نبأ المرسلين الذين يتأسى بهم ، و ( من نبأ ) في موضع الحال ، وذو الحال ذلك المضمر ، والعامل فيها وفيه ( جاءك ) فلا يكون المعنى على هذا ، ولقد جاءك نبأ ، أو بيان ، إلا أن يراد بالنبأ والبيان ، هذا النبأ السابق ، أو البيان السابق . وأما الزمخشري فلم يتعرض لفاعل ( جاء ) ، بل قال : ( ولقد جاءك من نبأ المرسلين ) بعض أنبائهم وقصصهم ، وهو تفسير معنى ، لا تفسير إعراب; لأن ( من ) لا تكون فاعلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية