صفحة جزء
( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ) لما ذكر تعالى ما حرموه افتراء عليه ، ثم ذكر ما أباحه تعالى لهم من الحبوب والفواكه والحيوان ، ذكر ما حرمه تعالى عليهم من أشياء نهاهم عنها وما أوجب عليهم من أشياء أمرهم بها . وتقدم [ ص: 249 ] شرح ( تعالوا ) في قوله تعالى : ( إلى كلمة ) ، والخطاب في قل للرسول ، وفي تعالوا قيل للمشركين ، وقيل : لمن بحضرة الرسول من مؤمن وكتابي ومشرك . وسياق الآيات يدل على أنه للمشركين ، وإن كان حكم غيرهم في ذلك حكمهم ، أمره تعالى أن يدعو جميع الخلق إلى سماع ما حرم الله بشرع الإسلام المبعوث به إلى الأسود والأحمر . وأتل : أسرد وأقص من التلاوة ، وهي إتباع بعض الحروف بعضا . وقال كعب الأحبار : هذه الآيات مفتتح التوراة بسم الله الرحمن الرحيم ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين ) إلى آخر الآية . وقال ابن عباس : هذه الآيات هي المحكمات التي ذكرها الله في سورة آل عمران ، أجمعت عليها شرائع الخلق ولم تنسخ قط في ملة . وقد قيل : إنها العشر كلمات المنزلة على موسى - عليه السلام - و ( ما ) بمعنى الذي وهي مفعولة بأتل ، أي : أقرأ الذي حرمه ربكم عليكم . وقيل : مصدرية ، أي : تحريم ربكم . وقيل : استفهامية منصوبة بحرم ، أي : أي شيء حرم ربكم ، ويكون قد علق أتل ، وهذا ضعيف لأن أتل ليس من أفعال القلوب فلا تعلق . و ( عليكم ) متعلق بحرم لا بأتل ، فهو من إعمال الثاني . وقال ابن الشجري : إن علقته بأتل فهو جيد لأنه أسبق ، وهو اختيار الكوفيين ، فالتقدير : أتل عليكم الذي حرم ربكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية