صفحة جزء
قوله تعالى : ( لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ) الآية [ 188 ] .

280 - أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا أبو الهيثم المروزي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري ، أخبرنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري : أن رجالا من المنافقين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلفوا عنه ، فإذا قدم اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، فنزلت : ( لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ) الآية . رواه مسلم عن الحسن بن علي الحلواني ، عن ابن أبي مريم .

281 - أخبرنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي ، أخبرنا محمد بن جهم ، أخبرنا جعفر بن عون ، حدثنا هشام بن سعيد ، حدثنا زيد بن أسلم : أن مروان بن الحكم كان يوما وهو أمير على المدينة عنده أبو سعيد الخدري ، وزيد بن ثابت ، ورافع بن خديج فقال مروان : يا أبا سعيد ، أرأيت قوله تعالى : ( لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ) والله إنا لنفرح بما أتينا ، ونحب أن نحمد بما لم نفعل ؟ فقال أبو سعيد : ليس هذا في هذا ، إنما كان رجال في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخلفون عنه وعن أصحابه في المغازي ، فإذا كانت فيهم النكبة وما يكرهون فرحوا بتخلفهم ، فإذا كان فيهم ما يحبون حلفوا لهم ، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا .

282 - أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد ، أخبرنا أبو سعيد بن حمدون ، أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال : حدثنا أبو الأزهر ، حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج قال : أخبرني ابن أبي مليكة : أن علقمة بن وقاص ، أخبره أن مروان قال لرافع بوابه : اذهب إلى ابن عباس ، وقل له : لئن كان [ كل ] امرئ منا فرح بما أتى ، وأحب أن يحمد بما لم يفعل عذب - لنعذبن أجمعين . فقال ابن عباس : ما لكم ولهذا ؟ إنما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود فسألهم عن شيء ، فكتموه إياه وأخبروه بغيره ، فأروه أن قد استحمدوا إليه لما أخبروه عنه فيما سألهم ، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه . ثم قرأ ابن عباس : [ ص: 73 ] ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ) رواه البخاري عن إبراهيم بن موسى عن هشام ، ورواه مسلم عن زهير بن حرب عن حجاج ، كلاهما عن ابن جريج .

283 - وقال الضحاك : كتب يهود المدينة إلى يهود العراق واليمن ومن بلغهم كتابهم من اليهود في الأرض كلها : أن محمدا ليس نبي الله ، فاثبتوا على دينكم ، وأجمعوا كلمتكم على ذلك . فأجمعت كلمتهم بالكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن . ففرحوا بذلك . وقالوا : الحمد لله الذي جمع كلمتنا ولن نتفرق ، ولم نترك ديننا ، وقالوا : نحن أهل الصوم والصلاة ونحن أولياء الله . فذلك قول الله تعالى : ( يفرحون بما أتوا ) بما فعلوا ( ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ) يعني بما ذكروا من الصوم والصلاة والعبادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية