صفحة جزء
قوله تعالى : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) الآية [ 92 ] .

343 - أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق قال : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال : حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله [ قال : حدثنا ] ابن حجاج : قال : حدثنا حماد قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه : أن الحارث بن يزيد كان شديدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء وهو يريد الإسلام ، فلقيه عياش بن أبي ربيعة ، والحارث يريد الإسلام ، وعياش لا يشعر ، فقتله . فأنزل الله تعالى : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) الآية .

وشرح الكلبي هذه القصة فقال : إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي أسلم وخاف أن يظهر إسلامه ، فخرج هاربا إلى المدينة فقدمها ، ثم أتى أطما من آطامها فتحصن فيه . فجزعت أمه جزعا شديدا ، وقالت لابنيها أبي جهل والحارث بن هشام - وهما [ أخواه ] لأمه - : والله لا يظلني سقف بيت ، ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى تأتوني به ، فخرجا في طلبه وخرج معهم الحارث بن زيد بن أبي أنيسة ، حتى أتوا المدينة ، فأتوا عياشا وهو في الأطم ، فقالا له : انزل فإن أمك لم يؤوها سقف بيت بعدك ، وقد حلفت لا تأكل طعاما ولا شرابا حتى ترجع إليها ، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شيء ، ولا نحول بينك وبين دينك . فلما ذكرا له جزع أمه وأوثقا له نزل إليهم ، فأخرجوه من المدينة وأوثقوه بنسع ، وجلده كل واحد منهم مائة جلدة ، ثم قدموا به على أمه فقالت : والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به ، ثم تركوه موثقا في الشمس وأعطاهم بعض الذي أرادوا ، فأتاه الحارث بن يزيد وقال : [ يا ] عياش ، والله لئن كان الذي كنت عليه هدى لقد تركت [ ص: 89 ] الهدى ، وإن كان ضلالة لقد كنت عليها . فغضب عياش من مقالته ، وقال : والله لا ألقاك خاليا إلا قتلتك . ثم إن عياشا أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة . ثم إن الحارث بن يزيد أسلم وهاجر [ بعد ذلك إلى رسول الله بالمدينة ] وليس عياش يومئذ حاضرا ، ولم يشعر بإسلامه . فبينا هو يسير بظهر قباء إذ لقي الحارث بن يزيد ، فلما رآه حمل عليه فقتله ، فقال الناس : أي شيء صنعت ، إنه قد أسلم . فرجع عياش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت ، وإني لم أشعر بإسلامه حين قتلته . فنزل عليه جبريل - عليه السلام - بقوله تعالى : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية