صفحة جزء
قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) .

410 - أخبرنا أبو عثمان بن أبي عمرو المؤذن قال : حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان قال : حدثنا الحسين بن نصر بن سفيان قال : أخبرنا إسحاق بن منصور قال : أخبرنا أبو عاصم ، عن عثمان بن سعد قال : أخبرني عكرمة ، عن ابن عباس : أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : إني إذا أكلت هذا اللحم انتشرت إلى النساء ، وإني حرمت علي اللحم ، فنزلت : ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) ونزلت ( وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا ) الآية .

411 - قال المفسرون : جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فذكر الناس ووصف القيامة ، ولم يزدهم على التخويف ; فرق الناس وبكوا ، فاجتمع عشرة من الصحابة في بيت عثمان بن مظعون الجمحي ، وهم أبو بكر الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمرو ، وأبو ذر الغفاري ، وسالم مولى أبي حذيفة ، والمقداد بن الأسود ، وسلمان الفارسي ، ومعقل بن مقرن ، واتفقوا على أن يصوموا النهار ، ويقوموا الليل ، ولا يناموا على الفرش ، ولا يأكلوا اللحم ، ولا الودك ، [ ولا يقربوا النساء والطيب ، ويلبسوا المسوح ، ويرفضوا الدنيا ، ويسيحوا في الأرض ] ويترهبوا ، ويجبوا المذاكير . فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجمعهم فقال : " ألم أنبأ أنكم اتفقتم على كذا وكذا ؟ " فقالوا : بلى يا رسول [ ص: 107 ] الله ، وما أردنا إلا الخير ، فقال [ لهم ] : " إني لم أومر بذلك ، إن لأنفسكم عليكم حقا ، فصوموا وأفطروا ، وقوموا وناموا ، فإني أقوم وأنام ، وأصوم وأفطر ، وآكل اللحم والدسم ، ومن رغب عن سنتي فليس مني " . ثم خرج إلى الناس وخطبهم ، فقال : " ما بال أقوام حرموا النساء والطعام ، والطيب والنوم ، وشهوات الدنيا ؟ أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ، ولا رهبانا ، فإنه ليس في ديني ترك اللحم والنساء ، ولا اتخاذ الصوامع ، وإن سياحة أمتي الصوم ، ورهبانيتها الجهاد ، واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وحجوا ، واعتمروا ، وأقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وصوموا رمضان ؛ فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد ، شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، فأولئك بقاياهم في الديارات والصوامع " ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقالوا : يا رسول الله ، كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها ؟ وكانوا حلفوا على ما عليه اتفقوا ، فأنزل الله تعالى : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ) الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية