صفحة جزء
قوله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب ) .

57 - اختلفوا في سبب نزولها . فأخبرنا أبو منصور المنصوري ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، حدثنا أبو محمد إسماعيل بن علي ، حدثنا الحسن بن علي بن شبيب العمري ، حدثنا أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري قال : وجدت في كتاب أبي : حدثنا عبد الملك العرزمي ، حدثنا عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله ، قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية كنت فيها ، فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة ، فقالت طائفة منا : قد عرفنا القبلة ، هي هاهنا قبل الشمال . فصلوا وخطوا خطوطا . وقال بعضنا : القبلة هاهنا قبل الجنوب ، [ فصلوا ] وخطوا خطوطا . فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة . فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فسكت ، فأنزل الله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) الآية .

58 - أخبرنا أبو منصور ، أخبرنا علي ، حدثنا يحيى بن صاعد حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، حدثنا وكيع ، حدثنا أشعث السمان ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه ، قال : كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في السفر في ليلة مظلمة ، فلم ندر كيف القبلة ، فصلى كل رجل منا على حياله ، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) . ومذهب ابن عمر : أن الآية نازلة في التطوع بالنافلة .

59 - أخبرنا أبو القاسم بن عبدان ، حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا محمد بن يعقوب ، حدثنا أبو البختري بن عبد الله بن محمد بن شاكر ، حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الملك بن سليمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، قال : أنزلت ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) أن تصلي حيث توجهت بك راحلتك ، في التطوع .

60 - وقال ابن عباس في رواية عطاء : إن النجاشي توفي فأتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن النجاشي توفي ، فصل عليه ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحضروا ، وصفهم ثم تقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لهم : " إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي وقد توفي ، فصلوا عليه " . فصلى رسول الله [ وهم عليه ] . فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أنفسهم : كيف نصلي على رجل مات وهو يصلي لغير قبلتنا . وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس حتى مات وقد صرفت القبلة إلى الكعبة . فأنزل الله تعالى : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) .

[ ص: 22 ] 61 - ومذهب قتادة أن هذه [ الآية ] منسوخة بقوله تعالى : ( وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء الخراساني . وقال : أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة ، قال الله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) قال : فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق ، ثم صرفه الله تعالى إلى البيت العتيق .

62 - وقال في رواية [ علي ] بن أبي طلحة الوالبي : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر إلى المدينة - وكان أكثر أهلها اليهود - أمره الله أن يستقبل بيت المقدس . ففرحت اليهود ، فاستقبلها بضعة عشر شهرا . وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب قبلة إبراهيم ، فلما صرفه الله تعالى إليها ارتاب من ذلك اليهود ، وقالوا : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ فأنزل الله تعالى : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية