صفحة جزء
قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) الآية [ 6 ] . نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – إلى بني المصطلق مصدقا وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية ، فلما سمع القوم [ به ] تلقوه تعظيما لله تعالى ولرسوله فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله فهابهم ، فرجع من الطريق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي ، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم أن يغزوهم ، فبلغ القوم رجوعه ، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : سمعنا برسولك ، فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من حق الله تعالى ، فبدا له في الرجوع ، فخشينا أن يكون إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك بغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله ، فأنزل الله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) يعني الوليد بن عقبة .

760 - أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الشاذياخي قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا الشيباني قال : أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال : حدثنا سعيد بن مسعود قال : حدثنا محمد بن سابق قال : حدثنا عيسى بن دينار قال : حدثنا أبي أنه سمع الحارث بن ضرار يقول : قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاني إلى الإسلام ، فدخلت في الإسلام وأقررت فدعاني إلى الزكاة ، فأقررت بها ، فقلت : يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة ، فمن استجاب لي جمعت زكاته ، فترسل لإبان كذا وكذا لآتيك بما جمعت من الزكاة ، فلما جمع الحارث بن ضرار [ ممن استجاب له ] وبلغ [ ص: 203 ] الإبان الذي أراد أن يبعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتبس عليه الرسول ، فلم يأته ، فظنالحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله ، فدعا سروات قومه ، فقال لهم : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان وقت لي وقتا ليرسل إلي ليقبض ما كان عندي من الزكاة ، وليس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخلف ، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة ، فانطلقوا فنأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق ، فزع فرجع فقال : يا رسول الله إن الحارث منعني الزكاة ، وأراد قتلي ، فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البعث إلى الحارث ، وأقبل الحارث بأصحابه فاستقبل البعث وقد فصل من المدينة ، فلقيهم الحارث فقالوا : هذا الحارث ، فلما غشيهم قال لهم : إلى من بعثتم ؟ قالوا : إليك قال : ولم ؟ قالوا : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بعث إليك الوليد بن عقبة ، فرجع إليه ، فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله قال : [ لا ] والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته ولا أتاني . فلما أن دخل الحارث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " منعت الزكاة وأردت قتل رسولي ؟ " قال : لا والذي بعثك [ بالحق ] ما رأيت رسولك . ولا أتاني ولا أقبلت إلا حين احتبس علي رسولك خشية أن تكون سخطة من الله ورسوله . قال : فنزلت في الحجرات : ( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) إلى قوله تعالى : ( فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية