صفحة جزء
[ ص: 491 ] قوله تعالى : أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ، أخرج الشيخان وغيرهما من غير وجه عن خباب بن الأرت رضي الله عنه ، قال : " جئت العاص بن وائل السهمي أتقاضاه حقا لي عنده ، فقال : لا أعطيك حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فقلت : لا ، حتى تموت ثم تبعث ، قال : وإني لميت ثم مبعوث ؟ قلت : نعم ، قال : إن لي هناك مالا فأقضيك ، فنزلت هذه الآية : أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا " ، وقال بعض أهل العلم : إن مراده بقوله : لأوتين مالا وولدا الاستهزاء بالدين وبخباب بن الأرت رضي الله عنه ، والظاهر أنه زعم أنه يؤتى مالا وولدا قياسا منه للآخرة على الدنيا ، كما بينا الآيات الدالة على ذلك ، كقوله : ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى [ 41 \ 50 ] ، وقوله : أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات الآية [ 23 \ 55 - 56 ] ، وقوله : وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين [ 34 \ 35 ] ، إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه ، وقرأ هذا الحرف حمزة والكسائي : " وولدا " بضم الواو الثانية وسكون اللام ، وقرأه الباقون بفتح الواو واللام معا ، وهما لغتان معناهما واحد كالعرب والعرب ، والعدم والعدم ، ومن إطلاق العرب الولد بضم الواو وسكون اللام كقراءة حمزة والكسائي قول الحارث بن حلزة :


ولقد رأيت معاشرا قد ثمروا مالا وولدا

وقول رؤبة :


الحمد لله العزيز فردا     لم يتخذ من ولد شيء ولدا

وزعم بعض علماء العربية : أن الولد بفتح الواو واللام مفرد ، وأن الولد بضم الواو وسكون اللام جمع له ، كأسد بالفتح يجمع على أسد بضم فسكون ، والظاهر عدم صحة هذا ، ومما يدل على أن " الولد " بالضم ليس بجمع قول الشاعر :


فليت فلانا كان في بطن أمه     وليت فلانا كان ولد حمار

لأن " الولد " في هذا البيت بضم الواو وسكون اللام ، وهو مفرد قطعا كما ترى .

التالي السابق


الخدمات العلمية