صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة طه

[ ص: 3 ] قوله تعالى : طه .

أظهر الأقوال فيه عندي أنه من الحروف المقطعة في أوائل السور ، ويدل لذلك أن الطاء والهاء المذكورتين في فاتحة هذه السورة ، جاءتا في مواضع أخر لا نزاع فيها في أنهما من الحروف المقطعة ، أما الطاء ففي فاتحة " الشعراء " طسم [ 26 1 ] وفاتحة " النمل " طس [ 27 1 ] . وفاتحة " القصص " وأما الهاء ففي فاتحة " مريم " في قوله تعالى كهيعص [ 19 1 ] وقد قدمنا الكلام مستوفى على الحروف المقطعة في أول سورة " هود " وخير ما يفسر به القرآن القرآن .

وقال بعض أهل العلم : قوله طه : معناه يا رجل . قالوا : وهي لغة بني عك بن عدنان ، وبني طيئ ، وبني عكل ، قالوا : لو قلت لرجل من بني عك : يا رجل ، لم يفهم أنك تناديه حتى تقول طه ، ومنه قول متمم بن نويرة التميمي :

دعوت بطه في القتال فلم يجب فخفت عليه أن يكون موائلا

ويروى مزايلا ، وقال عبد الله بن عمرو : معنى ( طه ) بلغة عك يا حبيبي ، ذكره الغزنوي . وقال قطرب : هو بلغة طيئ ، وأنشد ليزيد بن المهلهل :


إن السفاهة طه في شمائلكم     لا بارك الله في القوم الملاعين



ويروى :

إن السفاهة طه من خلائقكم     لا قدس الله أرواح الملاعين



وممن روي عنه أن معنى " طه " : يا رجل ، ابن عباس ، ومجاهد وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، ومحمد بن كعب ، وأبو مالك ، وعطية العوفي ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وابن أبزى ، وغيرهم ، كما نقله عنهم ابن كثير ، وغيره . وذكر القاضي عياض في الشفاء عن الربيع بن أنس قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى ، فأنزل الله " طه " يعني طأ الأرض بقدميك يا محمد . وعلى هذا القول فالهاء مبدلة من الهمزة ، والهمزة خففت بإبدالها ألفا كقول في الفرزدق :

[ ص: 4 ]

راحت بمسلمة البغال عشية     فارعي فزارة لا هناك المرتع



ثم بني عليه الأمر ، والهاء للسكت . ولا يخفى ما في هذا القول من التعسف ، والبعد عن الظاهر .

وفي قوله طه أقوال أخر ضعيفة ، كالقول بأنه من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - . والقول بأن الطاء من الطهارة ، والهاء من الهداية يقول لنبيه : يا طاهرا من الذنوب ، يا هادي الخلق إلى علام الغيوب ، وغير ذلك من الأقوال الضعيفة . والصواب إن شاء الله في الآية هو ما صدرنا به ، ودل عليه القرآن في مواضع أخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية