قوله تعالى : 
ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي   . 
قرأ هذا الحرف 
أبو عمرو  وشعبة  عن 
عاصم  ، 
وحمزة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي  حملنا بفتح الحاء ، والميم المخففة مبينا للفاعل مجردا . وقرأه 
نافع  ، 
وابن كثير  ، 
وابن عامر  وحفص  عن 
عاصم    " حملنا " بضم الحاء وكسر الميم المشددة مبنيا للمفعول . و " نا " على القراءة الأولى فاعل " حمل " وعلى الثانية نائب فاعل " حمل " بالتضعيف . والأوزار في قوله أوزارا قال بعض العلماء : معناها الأثقال . وقال بعض العلماء : معناها الآثام . ووجه القول الأول أنها أحمال من حلي القبط الذي استعاروه منهم . ووجه الثاني أنها آثام وتبعات . لأنهم كانوا معهم في حكم المستأمنين في دار الحرب ، وليس للمستأمن أن يأخذ مال الحربي ، ولأن الغنائم لم تكن تحل لهم . والتعليل الأخير أقوى . 
وقوله : 
من زينة القوم المراد بالزينة الحلي ، كما يوضحه قوله تعالى : 
واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم [ 7 148 ] أي : ألقيناها وطرحناها في النار التي أوقدها 
السامري  في الحفرة ، وأمرنا أن نطرح الحلي فيها . وأظهر الأقوال عندي في ذلك : هو أنهم جعلوا جميع الحلي في النار ليذوب فيصير قطعة واحدة . لأن ذلك أسهل لحفظه حتى يرى نبي الله 
موسى  فيه رأيه . 
والسامري  يريد تدبير خطة لم يطلعوا عليها . وذلك أنه لما جاء 
جبريل  ليذهب 
بموسى  إلى الميقات وكان على فرس ، أخذ 
السامري  ترابا مسه حافر تلك الفرس ، ويزعمون في القصة أنه عاين موضع أثرها ينبت فيه النبات ، فتفرس أن الله جعل فيها خاصية الحياة ، فأخذ تلك القبضة من التراب واحتفظ بها ، فلما أرادوا أن يطرحوا الحلي في النار ليجعلوه قطعة واحدة أو لغير ذلك من الأسباب وجعلوه فيها ، ألقى 
السامري  عليه تلك القبضة من التراب المذكورة ، وقال له : كن عجلا جسدا له خوار . فجعله الله عجلا جسدا له خوار . فقال لهم : هذا العجل هو إلاهكم وإله 
موسى  ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى عن 
موسى    : 
قال فما خطبك ياسامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي   [ 20 59 ] .  
[ ص: 84 ] وقوله في هذه الآية : 
ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم هو من بقية اعتذارهم الفاسد البارد ، وهو يدل على أن ذلك الاعتذار من الذين عبدوا العجل لا من غيرهم ، ولا يبعد معه احتمال أنه من غيرهم . لأنه ليس فيه ما يعين كون الاعتذار منهم تعينا غير محتمل . ومعلوم أن هذا العذر عذر لا وجه له على كل حال . 
وقوله في هذه الآية الكريمة : فنسي أي : نسي 
موسى  إلهه هنا وذهب يطلبه في محل آخر . قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  في حديث الفتون . وهو قول 
مجاهد    . وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  أيضا من طريق 
عكرمة  فنسي أي : نسي أن يذكركم به . وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  أيضا فنسي أي : السامري ما كان عليه من الإسلام ، وصار كافرا بادعاء ألوهية العجل وعبادته   .