صفحة جزء
قوله تعالى : قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو

.

الظاهر أن ألف الاثنين في قوله اهبطا راجعة إلى آدم وحواء المذكورين في قوله فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما [ 20 \ 121 ] ، خلافا لمن زعم أنها راجعة إلى إبليس وآدم ، وأمره إياهما بالهبوط من الجنة المذكور في آية " طه " هذه جاء مبينا في غير هذا الموضع . كقوله في سورة " البقرة " : وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين [ 2 \ 36 ] ، وقوله فيها أيضا : قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون [ 2 \ 38 ] ، وقوله في " الأعراف " : قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين [ 7 \ 24 ] ، . وفي هذه الآيات سؤال معروف ، وهو أن يقال : كيف جيء بصيغة الجمع في قوله اهبطوا [ 2 \ 36 ، 7 24 ] ، في " البقرة " و " الأعراف " وبصيغة التثنية في " طه " في قوله : اهبطا مع أنه أتبع صيغة التثنية في " طه " بصيغة الجمع في قوله فإما يأتينكم مني هدى وأظهر الأجوبة عندي عن ذلك : أن التثنية باعتبار آدم وحواء فقط ، والجمع باعتبارهما مع ذريتهما . خلافا لمن زعم أن التثنية باعتبار آدم وإبليس ، والجمع باعتبار ذريتهما معهما ، وخلافا لمن زعم أن الجمع في قوله : اهبطوا مراد به آدم وحواء وإبليس ، والحية . والدليل على أن الحية ليست مرادة في ذلك هو أنها لا تدخل في قوله فإما يأتينكم مني هدى لأنها غير مكلفة .

واعلم أن المفسرين يذكرون قصة الحية ، وأنها كانت ذات قوائم أربع كالبختية من أحسن دابة خلقها الله ، وأن إبليس دخل في فمها فأدخلته الجنة ، فوسوس لآدم وحواء بعد أن عرض نفسه على كثير من الدواب فلم يدخله إلا الحية . فأهبط هو إلى الأرض ولعنت هي وردت قوائمها في جوفها ، وجعلت العداوة بينها وبين بني آدم ، ولذلك أمروا بقتلها . وبهذه المناسبة ذكر القرطبي في تفسيره في سورة " البقرة " جملا من أحكام قتل الحيات . فذكر عن ساكنة بنت الجعد أنها روت عن سري بنت نبهان الغنوية أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بقتل الحيات صغيرها وكبيرها ، وأسودها وأبيضها ، ويرغب في ذلك . ثم ذكر عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود حديثا فيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بقتل حية فسبقتهم إلى جحرها . فأمرهم أن يضرموا عليها [ ص: 121 ] نارا . وذكر عن علماء المالكية أنهم خصصوا بذلك النهي عن الإحراق بالنار ، وعن أن يعذب أحد بعذاب الله . ثم ذكر عن إبراهيم النخعي : أنه كره أن تحرق العقرب بالنار ، وقال : هو مثلة . وأجاب عن ذلك بأنه يحتمل أنه لم يبلغه الخبر المذكور . ثم ذكر حديث عبد الله بن مسعود الثابت في الصحيحين قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غار ، وقد أنزلت عليه والمرسلات عرفا [ 77 ] ، فنحن نأخذها من فيه رطبة ، إذ خرجت علينا حية فقال " اقتلوها " ، فابتدرناها لنقتلها ، فسبقتنا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وقاها الله شركم كما وقاكم شرها " فلم يضرم نارا ، ولا احتال في قتلها ، وأجاب هو عن ذلك ، بأنه يحتمل أنه لم يجد نارا في ذلك الوقت ، أو لم يكن الجحر بهيئة ينتفع بالنار هناك ، مع ضرر الدخان وعدم وصوله إلى الحية . ثم ذكر أن الأمر بقتل الحيات من الإرشاد إلى دفع المضرة المخوفة من الحيات ثم ذكر أن الأمر بقتل الحيات عام في جميع أنواعها إن كانت غير حيات البيوت ، ثم ذكر فيما خرجه أبو داود من حديث عبد الله بن مسعود : " اقتلوا الحيات كلهن ، فمن خاف ثأرهن فليس مني " ثم ذكر أن حيات البيوت لا تقتل حتى تؤذن ثلاثة أيام . لحديث : " إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام " ثم ذكر أن بعض العلماء خص ذلك بالمدينة دون غيرها لحديث : " إن بالمدينة جنا قد أسلموا " . قالوا : ولا نعلم هل أسلم من جن غير المدينة أحد أو لا . قاله ابن نافع ثم ذكر عن مالك النهي عن قتل جنان البيوت في جميع البلاد . ثم قال : وهو الصحيح . لأن الله عز وجل قال : وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن الآية [ 46 \ 29 ] . وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أتاني داعي الجن فذهبت معهم فقرأت عليهم القرآن وفيه سألوه الزاد وكانوا من جن الجزيرة " وسيأتي بكماله في سورة " الجن " إن شاء الله تعالى . وإذا ثبت هذا فلا يقتل شيء منها حتى يخرج عليه وينذر ، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .

( ثم قال ) : روى الأئمة عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة : أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته ، قال : فوجدته يصلي فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته ، فسمعت تحريكا في عراجين ناحية البيت ، فالتفت فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال : أترى هذا البيت ؟ فقلت نعم . قال : كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس ، قال : فخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الخندق ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله ، فاستأذنه يوما [ ص: 122 ] فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " خذ عليك سلاحك فإنني أخشى عليك قريظة " فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع ، فإذا امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وأصابته غيرة . فقالت له : اكفف عليك رمحك ، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني ، فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش ، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ، ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه ، فما يدري أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى . قال : فجئنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ذلك له ، وقلنا : ادع الله يحييه لنا : فقال : " استغفروا لأخيكم ثم قال إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان " . وفي طريق أخرى فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن لهذه البيوت عوامر ، فإذا رأيتم شيئا منهم فحرجوا عليها ثلاثا ، فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر وقال لهم : اذهبوا فادفنوا صاحبكم " . ثم قال : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : لا يفهم من هذا الحديث أن هذا الجان الذي قتله الفتى كان مسلما ، وأن الجن قتلته به قصاصا . لأنه لو سلم أن القصاص مشروع بيننا وبين الجن لكان إنما يكون في العمد المحض ، وهذا الفتى لم يقصد ولم يتعمد قتل نفس مسلمة إذ لم يكن عنده علم من ذلك ، وإنما قصد إلى قتل ما سوغ قتل نوعه شرعا ، فهذا قتل خطأ ، ولا قصاص فيه . فالأولى أن يقال : إن كفار الجن أو فسقتهم قتلوا الفتى بصاحبهم عدوا وانتقاما . وقد قتلت سعد بن عبادة رضي الله عنه ، وذلك أنه وجد ميتا في مغتسله وقد اخضر جسده ، ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلا يقول ، ولا يرون أحدا :


قد قتلنا سيد الخز رج سعد بن عبادة     ورميناه بسهمين
فلم نخط فؤاده



وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :

" إن بالمدينة جنا قد أسلموا " ليبين طريقا يحصل به التحرز من قتل المسلم منهم ، ويتسلط به على قتل الكافر منهم . وروي من وجوه : أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قتلت جانا . فأريت في المنام أن قائلا يقول لها : لقد قتلت مسلما . فقالت : لو كان مسلما لم يدخل على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال : ما دخل عليك إلا وعليك ثيابك . فأصبحت فأمرت باثني عشر ألف درهم فجعلت في سبيل الله . وفي رواية : ما دخل عليك إلا وأنت مستترة . فتصدقت وأعتقت رقابا . وقال الربيع بن بدر : الجان من الحيات التي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها هي التي تمشي ، ولا تلتوي . وعن علقمة نحوه . ثم ذكر صفة إنذار حيات البيوت فقال : قال مالك : أحب إلي أن ينذروا ثلاثة أيام . وقاله عيسى بن دينار : [ ص: 123 ] وإن ظهر في اليوم مرارا ، ولا يقتصر على إنذاره ثلاث مرات في يوم واحد حتى يكون في ثلاثة أيام . وقيل : يكفي ثلاث مرار . لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " فليؤذنه ثلاثا " ، وقوله " حرجوا عليه ثلاثا " ولأن ثلاثا للعدد المؤنث ، فظهر أن المراد ثلاث مرات . وقول مالك أولى لقوله - صلى الله عليه وسلم - " ثلاثة أيام " وهو نص صحيح مقيد لتلك المطلقات ، ويحمل ثلاثا على إرادة ليالي الأيام الثلاث ، فغلب الليلة على عادة العرب في باب التاريخ ، فإنها تغلب فيها التأنيث . قال مالك : ويكفي في الإنذار أن يقول : أحرج عليك بالله ، واليوم الآخر ألا تبدوا لنا ، ولا تؤذونا . وذكر ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه ذكر عنده حيات البيوت فقال : إذا رأيتم منها شيئا في مساكنكم فقولوا : أنشدكم بالعهد الذي أخذ عليكم نوح عليه السلام ، وأنشدكم بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان عليه السلام ، فإذا رأيتم منهن شيئا بعد فاقتلوه . ثم قال : وقد حكى ابن حبيب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يقال : " أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان عليه السلام ألا تؤذونا ، ولا تظهرن علينا " انتهى كلام القرطبي ملخصا قريبا من لفظه .

قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : التحقيق في هذه المسألة أن ما لم يكن من الحيات في البيوت فإنه يقتل كالحيات التي توجد في الفيافي ، وأن حيات البيوت لا تقتل إلا بعد الإنذار . وأظهر القولين عندي عموم الإنذار في المدينة ، وغيرها ، وأنه لا بد من الإنذار ثلاثة أيام ، ولا تكفي ثلاث مرات في يوم أو يومين ، كما تقدمت أدلة ذلك في كلام القرطبي . وأن الأبتر وذا الطفيتين يقتلان في البيوت بلا إنذار . لما ثبت في بعض روايات مسلم بلفظ : فقال أبو لبابة : إنه قد نهي عنهن ( يريد عوامر البيوت ) وأمر بقتل الأبتر وذي الطفيتين . وفي رواية في صحيح البخاري عن أبي لبابة : " لا تقتلوا الجنان إلا كل أبتر ذي طفيتين ، فإنه يسقط الولد ، ويذهب البصر فاقتلوه " .

والدليل على قتل الحيات وإنذار حيات البيوت ثابت في الصحيحين ، وغيرهما .

قال البخاري في صحيحه : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا هشام بن يوسف ، حدثنا معمر عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب على المنبر يقول : " اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين ، والأبتر . فإنهما يطمسان البصر ، ويستسقطان الحبل " قال عبد الله : فبينا أنا أطارد حية لأقتلها فناداني أبو لبابة : لا تقتلها . فقلت إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بقتل الحيات ؟ فقال : إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت ، وهي العوامر . وقال عبد الرزاق عن معمر : فرآني أبو لبابة أو زيد بن [ ص: 124 ] الخطاب ، وتابعه يونس ، وابن عيينة وإسحاق الكلبي ، والزبيدي ، وقال صالح ، وابن أبي حفصة ، وابن مجمع ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر : فرآني أبو لبابة وزيد بن الخطاب ا ه من صحيح البخاري رحمه الله تعالى . وقال مسلم بن الحجاج في صحيحه : وحدثني عمرو بن محمد الناقد ، حدثنا سفيان بن أبي عيينة عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " اقتلوا الحيات وذا الطفيتين ، والأبتر ، فإنهما يستسقطان الحبل ويلتمسان البصر " قال : فكان ابن عمر يقتل كل حية وجدها . فأبصره أبو لبابة بن عبد المنذر ، أو زيد بن الخطاب وهو يطارد حية فقال : إنه قد نهى عن ذوات البيوت . ثم ذكره من طرق متعددة . وفي كلها التصريح بالنهي عن قتل جنان البيوت يعني إلا بعد الإنذار ثلاثا . وعن مالك : يقتل ما وجد منها بالمساجد . وقوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث " وذا الطفيتين " هو بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء بعدها ياء . وأصل الطفية خوصة المقل وهو شجر الدوم . وقيل : المقل ثمر شجر الدوم . وجمعها طفى بضم ففتح على القياس . والمراد بالطفيتين في الحديث : خطان أبيضان . وقيل : أسودان على ظهر الحية المذكورة ، يشبهان في صورتها خوص المقل المذكور . والأبتر : قصير الذنب من الحيات : وقال النضر بن شميل : هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب ، لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها . وقال الداودي : هو الأفعى التي تكون قدر شبر أو أكثر قليلا وقوله في هذا الحديث : " يستسقطان الحبل " معناه أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وخافت أسقطت جنينها غالبا . وقد ذكر مسلم عن الزهري ما يدل على أن إسقاط الحبل المذكور خاصية فيهما من سمهما . والأظهر في معنى " يلتمسان البصر " أن الله جعل فيهما من شدة سمهما خاصية يخطفان بها البصر ، ويطمسانه بها بمجرد نظرهما إليه . والقول : بأن معناه أنهما يقصدان البصر باللسع ، والنهش ضعيف . والعلم عند الله تعالى .

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه : " اقتلوا الحيات " يدل على وجوب قتلها . لما قدمنا من أن صيغة الأمر المجردة عن القرائن تدل على الوجوب .

والجمهور على أن الأمر بذلك القتل المذكور للندب ، والاستحباب ، والله تعالى أعلم .

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : بعضكم لبعض عدو [ 20 \ 123 ] ، على ما ذكرنا أنه الأظهر . فالمعنى : أن بعض بني آدم عدو لبعضهم . كما قال تعالى : أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض [ 6 \ 65 ] ، ونحوها من الآيات . وعلى أن المراد [ ص: 125 ] بقوله اهبطا آدم وإبليس ، فالمعنى أن إبليس وذريته أعداء لآدم وذريته . كما قال تعالى : أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو [ 18 \ 50 ] ، ونحوها من الآيات .

والظاهر أن ما ذكره القرطبي : من إحراق الحية بالنار لم يثبت ، وأنه لا ينبغي أن يعذب بعذاب الله ، فلا ينبغي أن تقتل بالنار ، والله أعلم .

فإن قيل : الحديث المذكور يدل على أن ذا الطفيتين غير الأبتر لعطفه عليه في الحديث ، ورواية البخاري التي قدمنا عن أبي لبابة : " لا تقتلوا الجنان إلا كل أبتر ذي طفيتين " يقتضي أنهما واحد ؟ فالجواب : أن ابن حجر في الفتح أجاب عن هذا . بأن الرواية المذكورة ظاهرها اتحادهما ، ولكنها لا تنفي المغايرة ا ه . والظاهر أن مراده بأنها لا تنفي المغايرة : أن الأبتر وإن كان ذا طفيتين فلا ينافي وجود ذي طفيتين غير الأبتر . والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية