صفحة جزء
المسألة الثانية : إذا سقطت النطفة في طورها الثاني ، أعني في حال كونها علقة ؛ أي : قطعة جامدة من الدم ، فلا خلاف بين العلماء في أن تلك العلقة لا يصلى عليها ، ولا تغسل ، ولا تكفن ، ولا تورث .

ولكن اختلف في أحكام أخر متعددة من أحكامها .

[ ص: 275 ] منها : ما إذا كان سقوطها بسبب ضرب إنسان بطن المرأة التي ألقتها ، هل تجب فيها غرة أو لا ؟

فذهب مالك رحمه الله إلى أن من ضرب بطن حامل ، فألقت حملها علقة فهو ضامن دية العلقة ضمان الجنين ، فتلزمه غرة ، أو عشر دية الأم .

وفي المدونة : ما علم أنه حمل ، وإن كان مضغة أو علقة أو مصورا .

وذهب جمهور أهل العلم إلى أن الجنين لا ضمان فيه حتى تظهر فيه صورة الآدمي ، وممن قال به الأئمة الثلاثة : أبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد رحمهم الله . وظهور بعض الصورة كظهور كلها في الأظهر ، واحتجوا بأنه لا يتحقق أنه حمل حتى يصور ، والمالكية قالوا : الحمل تمكن معرفته في حال العلقة فما بعدها ، فاختلافهم هذا من قبيل الاختلاف في تحقيق المناط .

ومنها : ما إذا كانت المرأة معتدة من طلاق أو وفاة ، وكانت حاملا ، فألقت حملها علقة ، هل تنقضي بذلك عدتها أو لا ؟

فمذهب مالك رحمه الله : أنها تنقضي عدتها بإسقاط العلقة المذكورة . واحتج المالكية : بأن العلقة المذكورة يصدق عليها أنها حمل ، فتدخل في عموم قوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ 65 \ 4 ] وقال ابن العربي المالكي : لا يرتبط بالجنين شيء من هذه الأحكام إلا أن يكون مخلقا - يعني مصورا - وذهب جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة وغيرهم : إلى أن وضع العلقة لا تنقضي به العدة ، قالوا : لأنها دم جامد ، ولا يتحقق كونه جنينا .

ومنها : ما إذا ألقت العلقة المذكورة أمة هي سرية لسيدها ، هل تكون أم ولد بوضع تلك العلقة أو لا ؟

فذهب مالك رحمه الله وأصحابه : إلى أنها تصير أم ولد بوضع تلك العلقة ; لأن العلقة مبدأ جنين ، ولأن النطفة لما صارت علقة صدق عليها أنها خلقت علقة ، بعد أن كانت نطفة ، فدخلت في قوله تعالى : خلقا من بعد خلق [ 39 \ 6 ] فيصدق عليها أنها وضعت جنينا من سيدها ، فتكون به أم ولد ، وهذا رواية عن أحمد ، وبه قال إبراهيم النخعي .

وذهب جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة : إلى أنها لا تكون أم ولد بوضعها العلقة المذكورة . وقد قدمنا توجيههم لذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية