مسألة 
قال بعض أهل العلم : من 
هم أن يعمل سيئة في مكة  ، أذاقه الله العذاب الأليم بسبب همه بذلك وإن لم يفعلها ، بخلاف غير الحرم المكي من البقاع ، فلا يعاقب فيه بالهم . وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه : لو أن رجلا أراد بإلحاد فيه بظلم وهو 
بعدن  أبين لأذاقه الله من العذاب الأليم ، وهذا ثابت عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود  ، ووقفه عليه أصح من رفعه ، والذين قالوا هذا القول استدلوا له بظاهر قوله تعالى : 
ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم   [ 22 \ 25 ] لأنه تعالى رتب إذاقة العذاب الأليم على إرادة الإلحاد بالظلم فيه ترتيب الجزاء على شرطه ، ويؤيد هذا قول بعض أهل العلم : إن الباء في قوله : " بإلحاد " لأجل أن الإرادة مضمنة معنى الهم ؛ أي : ومن يهمم فيه بإلحاد ، وعلى هذا الذي قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود  وغيره .  
[ ص: 295 ] فهذه الآية الكريمة مخصصة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008442ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة   " الحديث ، وعليه فهذا التخصيص لشدة التغليظ في المخالفة في 
الحرم المكي  ، ووجه هذا ظاهر . 
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : ويحتمل أن يكون معنى الإرادة في قوله : 
ومن يرد فيه بإلحاد   [ 22 \ 25 ] العزم المصمم على ارتكاب الذنب فيه ، والعزم المصمم على الذنب ذنب يعاقب عليه في جميع بقاع الله ؛ مكة وغيرها . 
والدليل على أن إرادة الذنب إذا كانت عزما مصمما عليه أنها كارتكابه حديث 
أبي بكرة  الثابت في الصحيح : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007766إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . قالوا : يا رسول الله ، قد عرفنا القاتل ، فما بال المقتول ؟ قال : " إنه كان حريصا على قتل صاحبه   " . فقولهم : ما بال المقتول : سؤال عن تشخيص عين الذنب الذي دخل بسببه النار مع أنه لم يفعل القتل ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008443إنه كان حريصا على قتل صاحبه   " أن ذنبه الذي أدخله النار هو عزمه المصمم وحرصه على قتل صاحبه المسلم . وقد قدمنا مرارا أن " إن " المكسورة المشددة تدل على التعليل كما تقرر في مسلك الإيماء والتنبيه . 
ومثال المعاقبة على العزم المصمم على ارتكاب المحظور فيه ، ما وقع بأصحاب الفيل من الإهلاك المستأصل ، بسبب طير أبابيل 
ترميهم بحجارة من سجيل   [ 105 \ 4 ] لعزمهم على ارتكاب المناكر في الحرم ، فأهلكهم الله بذلك العزم قبل أن يفعلوا ما عزموا عليه ، والعلم عند الله تعالى . والظاهر أن الضمير في قوله : فيه راجع إلى المسجد الحرام ، ولكن حكم الحرم كله في تغليظ الذنب المذكور كذلك . والله تعالى أعلم .