صفحة جزء
الفرع الثالث : اختلف العلماء في المخالعة هل يلحقها طلاق من خالعها بعد الخلع على ثلاثة أقوال : الأول : لا يلحقها طلاقه ; لأنها قد ملكت نفسها وبانت منه بمجرد الخلع ، وبهذا قول ابن عباس ، وابن الزبير ، وعكرمة ، وجابر بن زيد ، والحسن البصري ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو ثور ، كما نقله عنهم ابن كثير .

الثاني : أنه إن أتبع الخلع طلاقا من غير سكوت بينهما وقع ، وإن سكت بينهما لم يقع ، وهذا مذهب مالك .

قال ابن عبد البر : وهذا يشبه ما روي عن عثمان رضي الله عنه .

الثالث : أنه يلحقها طلاقه ما دامت في العدة مطلقا ، وهو قول أبي حنيفة ، وأصحابه ، والثوري ، والأوزاعي ، وبه يقول سعيد بن المسيب ، وشريح ، وطاوس ، وإبراهيم ، والزهري ، والحاكم ، والحكم ، وحماد بن أبي سليمان ، كما نقله عنهم ابن كثير . وروي ذلك عن ابن مسعود ، وأبي الدرداء .

قال ابن عبد البر : وليس ذلك بثابت عنهما .

قال مقيده عفا الله عنه : وهذا القول الثالث بحسب النظر أبعد الأقوال ; لأن المخالعة بمجرد انقضاء صيغة الخلع تبين منه ، والبائن أجنبية لا يقع عليها طلاق ; لأنه لا طلاق لأحد فيما لا يملكه كما هو ظاهر ، والعلم عند الله تعالى .

الفرع الرابع : ليس للمخالع أن يراجع المختلعة في العدة بغير رضاها عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء ; لأنها قد ملكت نفسها بما بذلت له من العطاء ، وروي عن عبد الله بن أبي أوفى ، وماهان الحنفي ، وسعيد بن المسيب ، والزهري أنهم قالوا : إن رد إليها الذي أعطته جاز له رجعتها في العدة بغير رضاها ، وهو اختيار أبي ثور .

وقال سفيان الثوري : إن كان الخلع بغير لفظ الطلاق فهو فرقة ، ولا سبيل له عليها ، وإن كان سمى طلاقا فهو أملك لرجعتها ما دامت في العدة ، وبه يقول داود بن [ ص: 149 ] علي الظاهري . اهـ من ابن كثير .

الفرع الخامس : أجمع العلماء على أن للمختلع أن يتزوجها برضاها في العدة ، وما حكاه ابن عبد البر عن جماعة من أنهم منعوا تزويجها لمن خالعها ، كما يمنع لغيره فهو قول باطل مردود ولا وجه له بحال . كما هو ظاهر والعلم عند الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية