صفحة جزء
قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل متوفى عنها تعتد بأربعة أشهر وعشر ، ولكنه بين في موضع آخر أن محل ذلك ما لم تكن حاملا ، فإن كانت حاملا كانت عدتها وضع حملها ، وذلك في قوله : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ 65 \ 4 ] ، ويزيده إيضاحا ما ثبت في الحديث المتفق عليه من إذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لسبيعة الأسلمية في الزواج بوضع حملها بعد وفاة زوجها بأيام ، وكون عدة الحامل المتوفى عنها بوضع حملها هو الحق ، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم خلافا لمن قال : تعتد بأقصى الأجلين . ويروى عن علي وابن عباس ، والعلم عند الله تعالى .

تنبيهان

الأول : هاتان الآيتان ، أعني قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ، وقوله : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن من باب تعارض الأعمين من وجه ، والمقرر في الأصول الترجيح بينهما ، والراجح منهما يخصص به عموم المرجوح كما عقده في " المراقي " بقوله : [ الرجز ] وإن يك العموم من وجه ظهر فالحكم بالترجيح حتما معتبر

وقد بينت السنة الصحيحة أن عموم : وأولات الأحمال مخصص لعموم : والذين يتوفون منكم الآية . مع أن جماعة من الأصوليين ذكروا أن الجموع المنكرة لا عموم لها ، وعليه فلا عموم في آية البقرة ; لأن قوله : ويذرون أزواجا جمع منكر فلا يعم بخلاف قوله : وأولات الأحمال ، فإنه مضاف إلى معرف بأل ، والمضاف إلى المعرف بها من صيغ العموم ، كما عقده في " مراقي السعود " بقوله عاطفا على صيغ العموم : [ الرجز ]

. . . . . . . . وما معرفا بأل قد وجدا     أو بإضافة إلى معرف
إذا تحقق الخصوص قد نفى



الثاني : الضمير الرابط للجملة بالموصول محذوف ; لدلالة المقام عليه أي : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بعدهم أربعة أشهر وعشرا كقول العرب : [ ص: 151 ] السمن منوان بدرهم ، أي : منوان منه بدرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية