الفرع العاشر : أظهر قولي أهل العلم عندي : هو نسخ 
الأمر بالفرع والعتيرة   . ونقل 
النووي  في شرحه 
لمسلم  ، عن 
عياض  أن جماهير العلماء على نسخ الأمر بالفرع ، والعتيرة . وذكر 
النووي  أيضا في شرحه 
لمسلم  أن الصحيح عند علماء الشافعية : استحباب الفرع والعتيرة قال : وهو نص 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    .  
[ ص: 224 ] والدليل عندنا على أن الأظهر هو نسخهما : هو ثبوت ما يدل على ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج    - رحمه الله - في صحيحه : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى التميمي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16696وعمرو الناقد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11997وزهير بن حرب  ، قال 
يحيى    : أخبرنا . وقال الآخرون : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري  ، عن 
سعيد  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة    - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ح ) ، وحدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد  ، قال 
عبد    : أخبرنا . وقال 
ابن رافع    : حدثنا 
عبد الرزاق  ، أخبرنا 
معمر  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009059لا فرع ولا عتيرة   " ، زاد 
ابن رافع  في روايته : والفرع : أول النتاج ، كان ينتج لهم فيذبحونه اهـ من صحيح 
مسلم    . وهذا الإسناد في غاية الصحة من طريقيه كما ترى . وفيه : تصريح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه لا فرع . والعتيرة والفرع بالفاء والراء المفتوحتين بعدهما عين مهملة ، جاء تفسيره ، عن 
ابن رافع  كما ذكره عنه 
مسلم  فيما رأيت . وقال 
النووي    : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  ، وأصحابه وآخرون : الفرع هو أول نتاج البهيمة ، كانوا يذبحونه ، ولا يملكونه رجاء البركة في الأم ، وكثرة نسلها ، وهكذا فسره كثيرون من أهل اللغة وغيرهم ، وقال كثيرون منهم : هو أول النتاج كانوا يذبحونه لآلهتهم : وهي طواغيتهم . وكذا جاء في هذا التفسير في صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ، وسنن 
أبي داود  وقيل : هو أول النتاج لمن بلغت إبله مائة يذبحونه . وقال 
شمر    : قال 
أبو مالك    : كان الرجل إذا بلغت إبله مائة قدم بكرا فنحره لصنمه ، ويسمونه الفرع . انتهى محل الغرض منه . 
وأما العتيرة بعين مهملة مفتوحة ، ثم تاء مثناة من فوق فهي : ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجب ، ويسمونها الرجبية أيضا ، وحديث 
مسلم  هذا الذي ذكرنا صريح في نسخ الأمر بها ; لأن قوله : " لا فرع ولا عتيرة " نفي أريد به النهي ، فيما يظهر كقوله : 
فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج   [ 2 \ 197 ] ، أي لا ترفثوا ولا تفسقوا ، وعليه فيكون المعنى : لا تعملوا عمل الجاهلية في ذبح الفرع والعتيرة ، ولو قدرنا أن الصيغة نافية ، فالظاهر أن المعنى : لا فرع ولا عتيرة مطلوبان شرعا ، ونسخهما هو الأظهر عندنا للحديث الصحيح كما رأيت . ومن زعم بقاء مشروعيتهما ، واستحبابهما فقد استدل ببعض الأحاديث على ذلك ، وسنذكر حاصلها بواسطة نقل 
النووي    ; لأنه جمعها في محل واحد ، فقال منها : حديث 
نبيشة    - رضي الله عنه - قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009060نادى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب ، فقال : " اذبحوا لله في أي شهر كان ، وبروا الله عز وجل وأطعموا " ، قال : إنا كنا نفرع فرعا في الجاهلية ، فما تأمرنا ؟ فقال : " في كل   [ ص: 225 ] سائمة فرع تغذوه ماشيتك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه   " ، رواه 
أبو داود  ، وغيره بأسانيد صحيحة . وقال 
ابن المنذر    : هو حديث صحيح . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12135أبو قلابة  ، أحد رواة هذا الحديث : السائمة مائة . ورواه 
البيهقي  بإسناده الصحيح ، عن 
عائشة    - رضي الله عنها - قالت : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009061أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفرعة من كل خمسين واحدة   . وفي رواية : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009062من كل خمسين شاة شاة   . قال 
ابن المنذر    : حديث 
عائشة  صحيح ، وفي سنن 
أبي داود  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب  ، عن أبيه ، قال الراوي : أراه عن جده . قال 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009063سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفرع ، فقال : " الفرع حق ، وإن تركوه حتى يكون بكرا أو ابن مخاض أو ابن لبون ، فتعطيه أرملة أو تحمل عليه في سبيل الله خير من أن تذبحه فيلزق لحمه بوبره وتكفأ إناءك وتوله ناقتك   " ، قال 
أبو عبيد  في تفسير هذا الحديث : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " الفرع حق ، ولكنهم كانوا يذبحونه حين يولد ولا شبع فيه " ، ولذا قال : " تذبحه ، فيلزق لحمه بوبره " ، وفيه أن ذهاب ولدها يدفع لبنها ، ولهذا قال : " خير من أن تكفأ " يعني : أنك إذا فعلت ذلك ، فكأنك كفأت إناءك وأرقته . وأشار به إلى ذهاب اللبن ، وفيه : أنه يفجعها بولدها ، ولهذا قال : " وتوله ناقتك " فأشار بتركه ، حتى يكون ابن مخاض ، وهو ابن سنة ، ثم يذهب وقد طاب لحمه واستمتع بلبن أمه ، ولا تشق عليها مفارقته ; لأنه استغنى عنها . هذا كلام 
أبي عبيد    . وروى 
البيهقي  بإسناده عن 
الحارث بن عمر  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009064أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات  ، أو قال : بمنى  ، وسأله رجل عن العتيرة ؟ فقال : " من شاء عتر ومن شاء لم يعتر ، ومن شاء فرع ومن شاء لم يفرع   " ، وعن 
أبي رزين  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009065يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إنا كنا نذبح في الجاهلية ذبائح في رجب ، فنأكل منها ، ونطعم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا بأس بذلك   " ، وعن 
أبي رملة  ، عن 
مخنف بن سليم  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009066كنا وقوفا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات  ، فسمعته يقول : " يا أيها الناس ، إن على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعتيرة هل تدري ما العتيرة ؟ هي التي تسمى الرجبية   " ، ورواه 
أبو داود   nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  وغيرهم . قال 
الترمذي    : حديث حسن . وقال 
الخطابي    : هذا الحديث ضعيف المخرج ; لأن 
أبا رملة  مجهول ، هذا مختصر ما جاء من الأحاديث في الفرع والعتيرة اهـ كلام 
النووي    . 
وقد قدمنا الكلام مستوفى على حديث 
مخنف بن سليم  المقتضي : أن على كل أهل بيت في كل عام : أضحية وعتيرة ، وقد علمت حجج الفريقين في الفرع والعتيرة . 
وقد قدمنا أن الأظهر عندنا فيهما : النسخ ، ويترجح ذلك بأمور : منها أن حديث 
مسلم  المصرح بذلك أصح من جميع الأحاديث المذكورة في الباب .  
[ ص: 226 ] ومنها أن أكثر أهل العلم على النسخ في ذلك ، كما ذكره 
النووي  عن 
عياض    . 
ومنها أن ذلك كان من فعل الجاهلية ، وكانوا يتقربون بهما [ لطواغيتهما ] ، وللمخالف أن يقول في هذا الأخير : إن المسلمين يتقربون بهما لله ويتصدقون بلحومهما . ولم نستقص أقوال أهل العلم في المسألة لقصد الاختصار ، لطول الكلام في موضوع آيات الحج هذه .