صفحة جزء
المسألة الرابعة والعشرون : اعلم أن أظهر الأقوال وأقواها دليلا ، أن المتلاعنين يتأبد التحريم بينهما ، فلا يجتمعان أبدا ، وقد جاءت بذلك أحاديث منها ما رواه أبو داود من حديث سهل بن سعد ، وفيه : فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ، ثم لا يجتمعان أبدا ، انتهى .

وقال في " نيل الأوطار " في هذا الحديث : سكت عنه أبو داود ، والمنذري ، ورجاله رجال الصحيح ، ومنها ما رواه الدارقطني عن سهل أيضا ، وفيه : ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما ، وقال " : لا يجتمعان أبدا " ، انتهى منه بواسطة نقل المجد في " المنتقى " ، وقال فيه [ ص: 484 ] صاحب " نيل الأوطار " : وفي إسناده عياض بن عبد الله ، قال في " التقريب " : فيه لين ، ولكنه قد أخرج له مسلم ، اهـ .

ومنها ما رواه الدارقطني عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " : المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا " ، انتهى منه بواسطة نقل المجد أيضا .

ومنها ما رواه الدراقطني أيضا ، عن علي - رضي الله عنه - قال : مضت السنة في المتلاعنين أن لا يجتمعا أبدا ، وما رواه الدارقطني أيضا ، عن علي ، وابن مسعود ، قالا : مضت السنة أن لا يجتمع المتلاعنان ، وقال صاحب " نيل الأوطار " في حديث ابن عباس : أخرج نحوه أبو داود في قصة طويلة ، وفي إسنادها عباد بن منصور وفيه مقال ، وقال في حديث علي وابن مسعود : أخرجهما أيضا عبد الرزاق وابن أبي شيبة ، انتهى منه .

وبه تعلم أن تأبيد التحريم أصوب من قول من قال من العلماء إن أكذب نفسه حد ، ولا يتأبد تحريمها عليه ، ويكون خاطبا من الخطاب وهو مروي عن أبي حنيفة ، ومحمد ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وعبد العزيز بن أبي سلمة ، والأظهر أنه إن أكذب نفسه لحق به الولد وحد خلافا لعطاء القائل : إنه لا يحد .

تنبيه .

اعلم أن أقوال أهل العلم في فرقة اللعان قدمناها مستوفاة في سورة " البقرة " .

في كلامنا الطويل على آية : الطلاق مرتان الآية [ 2 \ 229 ] ، وقد قدمنا كلام أهل العلم واختلافهم في لعان الأخرس في سورة " مريم " ، ولنكتف بما ذكرنا من الأحكام المتعلقة بهذه الآية ، ومن أراد استقصاء مسائل اللعان فلينظر كتب فروع المذاهب الأربعة ،

التالي السابق


الخدمات العلمية