صفحة جزء
قوله تعالى : والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما .

الأظهر أن معنى قوله : كان غراما ، أي : كان لازما دائما غير مفارق ، ومنه سمي الغريم لملازمته ، ويقال : فلان مغرم بكذا ، أي : لازم له ، مولع به .

وهذا المعنى دلت عليه آيات من كتاب الله ; كقوله تعالى : ولهم عذاب مقيم [ 9 \ 68 ] وقوله : لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون [ 43 \ 75 ] وقوله : فسوف يكون لزاما [ 25 \ 77 ] وقوله تعالى : فلن نزيدكم إلا عذابا [ 78 \ 30 ] وقوله : لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون [ 3 \ 88 ] وقوله : ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور [ 35 \ 36 ] وقوله تعالى : كلما خبت زدناهم سعيرا [ 17 \ 97 ] وقوله تعالى : كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب [ 4 \ 56 ] إلى غير ذلك من الآيات .

وقال الزجاج : الغرام أشد العذاب . وقال ابن زيد : الغرام الشر . وقال أبو عبيدة : الهلاك ، قاله القرطبي . وقول الأعشى :

إن يعاقب يكن غراما وإن يع ط جزيلا فإنه لا يبال



[ ص: 75 ] يعني : يكن عذابه دائما لازما ، وكذلك قول بشر بن أبي حازم :

ويوم النسار ويوم الجفا     ر كانا عذابا وكانا غراما



وذلك هو الأظهر أيضا في قول الآخر :

وما أكلة إن نلتها بغنيمة     ولا جوعة إن جعتها بغرام



التالي السابق


الخدمات العلمية