صفحة جزء
قوله تعالى : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ( 5 ) .

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ، وأنه يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة .

وأشار تعالى إلى هذا المعنى في قوله : الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن [ 65 \ 12 ] ، وقد بين في سورة " الحج " ، أن اليوم عنده تعالى كألف سنة مما يعده الناس ، وذلك في قوله تعالى : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [ 22 \ 47 ] ، وقد قال تعالى في سورة " سأل سائل " : تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة [ 70 \ 4 ] .

وقد ذكرنا في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " الجمع بين هذه الآيات من وجهين :

الأول : هو ما أخرجه ابن أبي حاتم ، من طريق سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس من أن يوم الألف في سورة " الحج " ، هو أحد الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض ، ويوم الألف في سورة " السجدة " ، هو مقدار سير الأمر وعروجه إليه تعالى ، ويوم الخمسين ألفا هو يوم القيامة .

[ ص: 184 ] الوجه الثاني : أن المراد بجميعها يوم القيامة ، وأن الاختلاف باعتبار حال المؤمن والكافر ، ويدل لهذا الوجه قوله تعالى : فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير [ 74 \ 9 - 10 ] ، وقوله تعالى : يقول الكافرون هذا يوم عسر [ 54 \ 8 ] .

وقد أوضحنا هذا الوجه في سورة " الفرقان " ، في الكلام على قوله تعالى : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا [ 25 \ 24 ] ، وقد ذكرنا في " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " : أن أبا عبيدة روى عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة أنه حضر كلا من ابن عباس وسعيد بن المسيب سئل عن هذه الآيات ، فلم يدر ما يقول فيها ، ويقول : لا أدري .

التالي السابق


الخدمات العلمية