الفرع الرابع : اختلف العلماء في تحقيق مناط العجز عن الرقبة الموجب للانتقال إلى الصوم ، وقد أجمعوا على أنه إن 
قدر على عتق رقبة فاضلة عن حاجته أنه يجب عليه العتق ، ولا يجوز له الانتقال إلى الصوم ، وإن كانت له رقبة يحتاج إليها لكونه زمنا أو هرما أو مريضا ، أو نحو ذلك من الأسباب التي تؤدي إلى عجزه عن خدمة نفسه . 
قال بعضهم : وككونه ممن لا يخدم نفسه عادة ، فقال بعضهم : لا يلزمه الإعتاق ، ويجوز له الانتقال إلى الصوم نظرا لحاجته إلى الرقبة الموجودة عنده . 
قال في " المغني " : وبهذا قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  ، أي : 
وأحمد    . وقال 
أبو حنيفة  ، 
ومالك  ،   
[ ص: 220 ]  nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي    : متى وجد رقبة لزمه إعتاقها ولم يجز له الانتقال إلى الصيام ، سواء كان محتاجا إليها أو لم يكن ; لأن الله تعالى شرط في الانتقال إلى الصيام ألا يجد رقبة بقوله : 
فمن لم يجد   [ 58 \ 4 ] ، وهذا واجد وإن وجد ثمنها وهو محتاج إليها ، لم يلزمه شراؤها ، وبه قال 
أبو حنيفة    . وقال 
مالك    : يلزمه ; لأن وجدان ثمنها كوجدانها . ولنا أن ما استغرقته حاجة الإنسان فهو كالمعدوم في جواز الانتقال إلى الصيام ، كمن وجد ماء يحتاج إليه للعطش يجوز له الانتقال إلى التيمم ، انتهى محل الغرض منه . 
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : الأظهر عندي في هذه المسألة : أن الرقبة إن كان يحتاج إليها حاجة قوية ; ككونه زمنا أو هرما لا يستغنى عن خدمتها ، أو كان عنده مال يمكن شراء الرقبة منه ، لكنه محتاج إليه في معيشته الضرورية أنه يجوز له الانتقال إلى الصوم ، وتعتبر الرقبة كالمعدومة ، وأن المدار في ذلك على ما يمنعه استحقاق الزكاة من اليسار ، فإن كانت الرقبة فاضلة عن ذلك ، لزم إعتاقها ، وإلا فلا . والأدلة العامة المقتضية عدم الحرج في الدين تدل على ذلك ; كقوله تعالى : 
وما جعل عليكم في الدين من حرج   [ 22 \ 78 ] ، ونحو ذلك . والعلم عند الله تعالى .