قوله تعالى : 
يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد   . بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه غني عن خلقه ، وأن خلقه مفتقر إليه ، أي : فهو يأمرهم وينهاهم لا لينتفع بطاعتهم ، ولا ليدفع الضر بمعصيتهم ، بل النفع في ذلك كله لهم ، وهو جل وعلا الغني لذاته الغنى المطلق . 
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة مع كونه معلوما من الدين بالضرورة ، جاء في مواضع كثيرة من كتاب الله ; كقوله تعالى : 
والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم الآية [ 47 \ 38 ] ، وقوله تعالى : 
فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد   [ 64 \ 6 ] ، وقوله تعالى : 
وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد   [ 14 \ 8 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . 
وبذلك تعلم عظم افتراء 
الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء   [ 3 \ 181 ] ، وقد هددهم الله على ذلك ، بقوله : 
سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق   [ 3 \ 181 ] .