صفحة جزء
قوله تعالى : فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم . ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن الكفار في النار يأكلون من شجرة الزقوم ، فيملئون منها بطونهم ، ويجمعون معها : لشوبا من حميم ، أي : خلطا من الماء البالغ غاية الحرارة ، جاء موضحا في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى في " الواقعة " : ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم [ 56 \ 51 - 52 ] . وقوله : شرب الهيم ، الهيم : جمع أهيم وهيماء وهي الناقة مثلا التي أصابها الهيام ، وهو شدة العطش بحيث لا يرويها كثرة شراب الماء فهي تشرب كثيرا من الماء ، ولا تزال مع ذلك في شدة العطش . ومنه قول غيلان ذي الرمة :


فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرد صداها ولا يقضي عليها هيامها



وقوله تعالى في " الواقعة " : فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم [ 56 \ 54 - 55 ] ، يدل على أن الشوب ، أي : الخلط من الحميم المخلوط لهم بشجرة الزقوم المذكور هنا في " الصافات " ، أنه شوب كثير من الحميم لا قليل .

وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسير هذه الآية : لشوبا من حميم ، الشوب : الخلط ، والشوب والشوب لغتان ، كالفقر والفقر ، والفتح أشهر . قال الفراء : شاب طعامه وشرابه إذا خلطهما بشيء يشوبهما شوبا وشيابة ، انتهى منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية