قوله - تعالى - : أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون   . 
( أم ) هنا تتضمن معنى استفهام الإنكار ، يعني - جل وعلا - أن هذا الذي يزعم الكفار من أنهم على حق في عبادتهم الأوثان ، وجعلهم الملائكة بنات الله - لا دليل لهم عليه ; ولذا أنكر أن يكون آتاهم كتابا يحل فيه ذلك وأن يكونوا مستمسكين في ذلك بكتاب من الله ، فأنكر عليهم هذا هنا إنكارا دالا على النفي للتمسك بالكتاب المذكور ، مع التوبيخ والتقريع . 
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ، من أن كفرهم المذكور لم يكن عن هدى من الله ، ولا كتاب أنزله الله بذلك - جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله - تعالى - في سورة " فاطر " :   
[ ص: 99 ] قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه الآية [ 35 \ 40 ] . 
وقوله - تعالى - في " الأحقاف " : 
قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين   [ 46 \ 4 ] . 
وقوله - تعالى - في " الروم " : 
أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون   [ 30 \ 35 ] . 
وقوله - تعالى - في " الصافات " : 
أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين   [ 37 \ 156 - 157 ] . 
وقوله - تعالى - في " النمل " : 
أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين   [ 27 \ 64 ] . 
وقوله - تعالى - في " الحج " و " لقمان " : 
ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير   [ 22 \ 8 ] و [ 31 \ 20 ] . 
وقوله - تعالى - في " الأنعام " : 
قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون   [ 6 \ 148 ] .