صفحة جزء
[ ص: 308 ] قوله تعالى : وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ، بين هنا فيما ذكر عن الشيطان كيفية اتخاذه لهذا النصيب المفروض ، بقوله : ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله [ 4 \ 119 ] ، والمراد بتبتيك آذان الأنعام شق أذن البحيرة مثلا وقطعها ليكون ذلك سمة وعلامة لكونها بحيرة أو سائبة ، كما قاله قتادة والسدي وغيرهما ، وقد أبطله تعالى بقوله : ما جعل الله من بحيرة الآية [ 5 \ 103 ] ، والمراد ببحرها شق أذنها كما ذكرنا ، والتبتيك في اللغة : التقطيع ، ومنه قول زهير : [ البسيط ]


حتى إذا ما هوت كف الوليد لها طارت وفي كفه من ريشها بتك

أي : قطع ، كما بين كيفية اتخاذه لهذا النصيب المفروض في آيات أخر كقوله : لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين [ 7 \ 16 ] وقوله : أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته الآية [ 17 \ 62 ] ، ولم يبين هنا هل هذا الظن الذي ظنه إبليس ببني آدم أنه يتخذ منهم نصيبا مفروضا وأنه يضلهم تحقق لإبليس أو لا ، ولكنه بين في آية أخرى أن ظنه هذا تحقق له ، وهي قوله : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه الآية [ 34 \ 20 ] ، ولم يبين هنا الفريق السالم من كونه من نصيب إبليس ، ولكنه بينه في مواضع أخر كقوله : لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين [ 15 \ 39 ، 40 ] وقوله : إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون [ 16 \ 100 ] إلى غير ذلك من الآيات ولم يبين هنا هل نصيب إبليس هذا هو الأكثر أو لا ، ولكنه بين في مواضع أخر أنه هو الأكثر ، كقوله : ولكن أكثر الناس لا يؤمنون [ 13 \ 1 ] وقوله : وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين [ 12 \ 103 ] وقوله : وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك [ 16 \ 116 ] وقوله : ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين [ 37 \ 71 ] . وقد ثبت في الصحيح أن نصيب الجنة واحد من الألف والباقي في النار .

التالي السابق


الخدمات العلمية